التراث العالمي

التأديب الكهنوتي – بطرس ألفونس 

الحلقة الواصلة بين الحكايات العربية والأوروبية 

يمثِّلُ بطرس ألفونس وتراثه المعرفيّ والأدبيّ حدثًا بارزًا في الأدب الأوروبي في القرون الوسطى وعلومها، لا سيما أنَّه حلقة وصل بين أدبين شرقيّ وغربيّ، وثقافتين أندلسيّة وأوروبيّة، وجسرًا ما بين المعرفة العربيّة والأوروبيّة، وشخصيَّة جامعة لمعارف مختلفة إذ ولدَ يهوديًا في الأندلس، وتلَّقى تعليمًا عربيًا، ومارس الطبابة والكتابة والترجمة، وتنصَّر وهاجم اليهوديّة، وانتقلَ إلى إنجلترا ثم عاد إلى فرنسا، واشتغل بعلم الفلك، وتركَ كتبًا ربا عدد مخطوطاتها على العشرات في أوروبا وإنجلترا. تركَ هذا أثرَه في شخصِه وكتاباته، ومع ندرة المصادر عن حياته فقد كانت مؤلفاته، والقليلُ المذكور عنه، المصدر الوحيد لاستقراء هذه الشخصيّة الفريدة من نوعها وتأثيرها العلمي والأدبي في أوروبا القروسطيّة، وبابًا يلجه الباحث لدراسة ما خلَّفه بعد وفاته. ولعبت البيئة الاجتماعية والسياسية حيث ترعرع دورًا مهما في فَهم التحوُّلات الدينية والمكانيّة وتنوُّع الاهتمامات الأدبيّة والانشغالات العلميّة. 

لعلَّ ما يهم القارئ العربي في القرن الحادي والعشرين هو كتابه الأشهر التأديب الكهنوتي، وهي مجموعة حكايات مشرقيّة عربيّة ألَّفها -والتأليف بمعنى الجمع على عادة الأدباء العرب في التراث- ثم ترجمها إلى اللاتينيّة فذاع صيتها وطبَّقَ الآفاق وتلاقفتها الأيدي والأقلام تأثُّرًا واقتفاءً ونسخًا، بل إنَّ أبرزَ علمين أوروبيّين في كتابة الحكايات قد نهلا من كتابه، وأعني الإيطالي الفلورنسيّ المولد، صاحب حكايات الديكاميرون، بوكاشيو، والإنجليزي، رائد الأدب الإنجليزي الحديث، جيفري تشوسر، في أبرز مؤلفاته حكايات كانتربري. بتعبير آخر لو لم يكتب التأديب الكهنوتي لربما كانت الكتب الأدبية القديمة والحديثة فقيرةً في محتواها.1 

ولدَ بطرس ألفونس* وفقًا لترجمته لنفسه في مدينة وَشْقَة العربية في الأندلس، المعروفة اليوم باسم هويسكا، في مملكة أراغون سنة 1062م، حيث ترعرعَ وعاش حتى سنة 1110. تنصَّر ألفونس في سنة 1106 بعد سقوط وشقة بيد مملكة أراغون. كتب في مقدَّمة كتابه الردود على اليهود، أو ما يُعرف بالمحاورات، عن تنصِّره وتعميده قائلا “جرى هذا في سنة 1106 من ميلاد السيد المسيح وبسن الرابعة والأربعين من حياتي، في شهر حزيران في يوم ميلاد القديسين بطرس وبول“2، جرى التعميد في كاتدرائية وشقة (كانت جامع المدينة السابق). ولدَ ألفونس يهوديًّا وعُرفَ قبل تنصُّره باسم الحبر موسى السفارديّ أو موسى الإسباني، ثم صار اسمه بعد التعميد بطرس ألفونس، أخذَ اسمه الأول من القديس بطرس إذ جرى تعميده في يوم ميلاده، والاسم الثاني من الملك ألفونس الأول. يقول “كان إمبراطور إسبانيا الجليل والديّ بالمعموديّة، ومَن تلقَّاني عند جرن التعميد”. وكان، وفقًا لسودرهيلم3، واحدًا من ألمع المفكِّرين اليهود في العصور الوسطى، ووسيطًا ما بين الثقافتين الشرقيّة والغربيّة. 

يصف د. توماس وأماليت بأنَّ ألفونس واحد من الشخصيات المفتاحيّة في نقل -وفهم النصوص العربية العلمية والأدبية والدينية والفكرية- إلى أوروبا اللاتينيّة في بواكير القرن الثاني عشر. يثبتُ تأثيره في وجود أكثر من مئة وستين مخطوطة من أعماله، كانت في حيِّز التناول من كتَّاب معروفين ما بين القرن الثاني عشر والسادس عشر، وانتشارهِا الواسع في طبعاتها الأولى في العصور الخالية. درس ألفونس التلمود، وعلم الفلك العربي، والطب، والفلسفة، والأدب والتراث العربي4، وقرأ بالعربية واللاتينية والإسبانية ومن الوارد العبريّة أيضًا والفرنسيّة واليونانيّة والبروفنسيّة والإنجليزيّة والكتلانيّة، ومتضلعا من الحكايات التي استمدَّ منها كتابه.5 

يقول ديفد واكس في دراسته6 بأنه عاش في مجتمع ذي غالبية مسلمة يتحدَّث لغتين (الرومانسيّة والعربيّة المحكيّة) في مدينة الوَشْقَة من أعمال سرقسطة. تلقَّى ألفونس، لكونه يهوديًا يعيش في الأندلس، تعليمًا دنيويًّا بالعربيّة، وتعليمًا دينيًا بالعبريّة. مرَّت سرقسطة في حياته بانتقال سياسي وثقافي من الإسلام إلى النصرانية، وخبرة ألفونس الحياتيّة رمزٌ عن التغيّر الثقافي والتأليفات التي علَّمت إسبانيا في حقبة ما بعد الاسترداد. برزُ ألفونس زعيمًا في مجتمع وشقة اليهوديّ، وتلقَّى تعليمًا مزدوجًا في الأدب العربي الكلاسيكي والفلسفة والعلوم، فضلا عن العبريّة والدراسة الحَبريّة اليهوديّة والتراث الأدبيّ. كان بكل المقاييس من المفكرين اليهود المثاليين في عصره، حتى في مهنته طبيبًا.  

اتَّخذتْ حياته طابعًا مختلفًا ودخلت عالمًا جديدًا بعد تنصُّره في بلاط الملكِ ألفونس الأول. سبق ذلك نجاحه في الانتقال إلى سلطان الحكم النصراني في إمرة بطرس الأول (1094-1104)، ومكَّنته خبرته في الطبابة والتعليم الأندلسي الرفيع من دخول أروقة المجتمع العليا، وعُين بعد مديدةٍ طبيبًا في بلاط الملكِ الجديد، بلاط ملك أراغون ألفونس الأول (1104-1134) (د. و.). تمثَّل الحدث الأبرز في حياته بمهاجمته معتقده القديم، أي اليهوديّة، كان على ألفونس الجديد أن يُغيرَ على موسى القديم، فكتبَ كتابه، الثاني في الشهرة بعد التأديب، باللاتينية “الردود على اليهود Dialogus contra judaeos” أو ما يعرف بالمحاورات. نشرَ الكتابَ بعد سنوات من تنصُّره، ودافع فيه ألفونس النصرانيّ عن العقيدة النصرانيّة من هجمات موسى اليهوديّ (مثَّلَت شخصية موسى سلوكَ ألفونس قبل تنصُّره، وكذا الحال اليهود الأرثوذكس في عصره)، وليس من المستبعد أن يكون كُتبَ في زمن كتابة التأديب الكهنوتيّ (و. هـ.). يرى جورج ألكسندر كوت، في الموسوعة اليهوديّة، أنَّ بطرس في كتابه مثلُ العديد من المتنصرين الذين هاجموا اليهودية، وقد تلاشى ذكر الكتاب بمرور الزمن والتهمه النسيان، فما عاد له ذكر سوى عند الدارسين للعصور الوسطى وتاريخها ومعارفها.7 

اشتهرت المحاورات، وبلغ عدد مخطوطات الكتاب اليوم نحو سبعين مخطوطة، وهو كتاب جدليّ مناهض لليهود، حاول فيه إثبات صحَّة النصرانية وأخطاء اليهودية (والإسلام) بالجدل المنطقيّ، كما يذهب ديفد واكس، ويضيف بأن المحاورات كشفت عن الصراع الداخلي، بين شخصيتين تجاذبتا أطراف الجدال، وتعد المحاورات في كونها أول عمل نفسيّ تمثيليّ في الأدب الغربيّ. بيّن ألفونس بجلاء أنَّه كتبَ المحاورات لتبرير تنصُّره، وجادل بأنَّ الدافع لم يكن ماديًّا أو لتكسُّب سياسيّ (كما قد يظنُّ المرء في متطبِّبٍ بلاطي كان سيحجمُ بشدَّة ليهوديته) بل بفضل جلاء الحقيقة النصرانية الفطريّة، وتهافت الناموس اليهودي وبطلانه.8 يتألف الكتاب من اثنتي عشرة محاورة، تبدأ المحاورة الأولى بمحاولة إثبات أن اليهود لم يلتزموا إلا جزئيًا بناموس موسى، وعرَّج الكاتب على الإسلام وبيّن بطلانه. وناقش منذ المحاورة السادسة الثالوث، ومفهوم الإحصان عند مريم العذراء، وتجسُّد المسيح، وتحقُّق نبوءات ولادة المسيح. ومن العاشرة إلى الحادية عشرة ناقش صلب عيسى، وقيامته، وصعوده إلى السماء. وأثبت في المحاورة الأخيرة بأنَّ النصرانية لا تعارض الناموس اليهوديّ الذي انحرف عنه اليهود.9

يقول ديفد واكس إنَّ ألفونس كان من روَّاد المتنصِّرين في أواخر العصور الوسطى وأوائل العصر الحديث في إسبانيا، انعكست خبرته متنصِّرًا جليَّة في كتاباته، بسجلِّه الشخصي في أنَّه ولد في المجتمع اليهودي الأندلسيّ، وولد من جديد في مملكة أراغون النصرانيّة. قامَ ألفونس بعملٍ كبيرٍ فأصبحَ سفير التعليم الأندلسي إلى أوروبا النصرانية، ووظَّف لصالحه كلًّا من تعليمه الأندلسي الرفيع والسلطان النصراني. كان لهذا التغيَّر كلفته إذ كان أحبار البلاط، ثُنائيو الثقافة في الأندلس، قادرين على المضي قدمًا ما بين ثقافتين إسلامية ويهوديّة والمحافظة على هويتهم اليهوديّة المائزة، أما المتنصِّرون فقد عاشوا في الأعراف بين هويتين يهوديّة ونصرانية، فلا مكان لليهود في النصرانية، وتجذَّر هذا الرفض في نفسه، فصارعَ ذكراتَه عن ذاته اليهودية الأندلسيّة. يسع المرء تصوَّرُ أن ألفونس تنصَّر من أجل المشاركة الكاملة في حياة مفكري أوروبا النصرانيّة، لكن لا يمكن البتُّ في ذلك أبدًا. وهو مثال فريد بين اليهود الإسبان والمتنصِّرين في كونه جسَّر ما بين الثقافات الإسلاميّة واليهوديّة والنصرانيّة. فإن لم يجدَ موسى السفارديّ نفسه مدفوعًا إلى هذا العالم النصراني الجديد فقد اختار بطرس ألفونس بمحض إرادته الدخول فيه. وهو يختلف في ذات الوقت عن لاحقيه من المتنصِّرين لأن الحقائق الشخصية والتاريخية في تنصِّره متباينة، وظهرَ هذا التباين في كتابه، لا سيما في علاقته البارزة مع ماضيه اليهوديّ الأندلسيّ. لا يسع المرء أن يُقصي الظروف السياسيّة في زمنه ولعبها دورًا في سوق موسى السفارديّ إلى جرن التعميد. جديرٌ بالذكر أن المحاورات ليست من إبداع بطرس الخالص إذ كثيرًا ما ظهرت في الشعر العربيّ ولا سيما الكتابات الفلسفيّة العربية للمسلمين واليهود على حدٍّ سواء، وقد شاعت في الأدب النصراني باللاتينية واللهجات الرومانسية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، أما المحاورات بين نفسيْن لذات الشخص فهي من إبداع ألفونس. يكمل واكس ولعلَّنا نسأل ما الذي حدا به إلى محاورة نفسه، وما الذي تعنيه هذه المحاورات الذاتيّة في سياق الهُوية المتصارعة لمُتنصِّر؟ ولمَ يكشف للملأ عن أزمة هُويته؟ أحدُ الأجوبة المحتملة أنَّه جعل حواره الداخليّ مكشوفًا سعيًا منه لإرضاء المشكِّكين بصدِّق تنصُّره (الذين ذكرهم في استهلال الكتاب). ولربما شعر أنَّ نفسه اليهوديّة ستتراجعُ إلى الظلِ بعد أن تُهزمَ علنًا في قتالٍ عادلٍ، كما يختفي صديقٌ مُتخيَّل بعد اقتناعه بأنه غير حقيقيّ. إنَّ الاستنتاج من المحاورات يُنبئنا بأنَّ الفلسفة العقلانيّة، والمفكِّر اليهودي الأندلسي الوسيط ثنائي الثقافة، لا يمكنهما أن يكونا جسرًا ما بين اليهوديّة والنصرانيّة. وفي الوقت الذي كان موسى السفارديّ قادرًا على التنقُّل بين اليهوديّة والإسلام، فإن ألفونس غيرُ قادرٍ على التنقل بين اليهوديّة والنصرانيّة. على هذا تنتهي المحاورات تاركةً إياه في القمة عاجزًا عن النزول. 

ظهرت صورة ألفونس في المحاورات بأنه رجلٌ عاجزٌ عن التعايش ولمِّ الشمل الديني ما بين ماضيه وحاضره، ولا يسعه دمج ذاته المنشطرة في سياق النقاش الديني، وعلى العكس من ذلك ظهر الكاتب نفسه في التأديب قادرًا على لمِّ الشملِ الثقافي ما بين ماضيه وحاضره. ونراه في التأديب يتذكَّر الحَبرَ البلاطيّ في الأندلس الذي يتحرك ما بين الديني والدنيويّ، والعربيّ واللاتينيّ، والأندلسيّ والإسبانيّ.10 

لم يمكثْ بطرس ألفونس بعد تنصّره كثيرًا في إسبانيا، فعاش النصف الثاني من حياته في إنجلترا بعد أن ارتحل في وقت ما، بين سني (1110 و1116م)، إلى إنجلترا حيث درَّس علم الفلك، ووفقًا لإحدى مخطوطات كتاب التأديب الكهنوتيّ فقد عملَ شطرًا من الزمان المتطبِّبَ الملكي لملكِ إنجلترا هنري الأول (1100-1135م). يرى جونز وكيلر أنَّ من المحتمل أن يكون ارتحاله إلى إنجلترا للتخلِّص من سطوة اليهود في بلاده إسبانيا. 

نشرَ بطرس ألفونس في سنة 1116 كتابه “ألواح فلكيّة”، كان إلى حدٍ ما نسخة مشوَّهة من كتاب الخوارزمي “الزيج السندهند”، وهو مجموعة من الأوراق الفلكية مرفقة بنصوص توضيحية أو “قوانين”. اشتُهرَ اثنان من تلاميذه في إنجلترا، هما والتشر المالفرنيّ وأدلارد الباثيّ. كتبَ والتشر نصًا عن كيفية التنبؤ بالكسوف، معتمدًا على تعليم ألفونس، ونقَّحَ أدلارد نسخة ألفونس اللاتينيّة لكتاب الخوارزميّ وحسَّنها11. ويقول جونز وكيلر بأنَّ بطرس وضع كتابًا، ما بقي منه سوى المقدَّمة وأربعة فصول، اعتمدَ فيه على ترجمته لكتاب الألواح الفلكيّة للخوارزمي. وأفصح أدِلارد الباثيّ في 1126 عن أنَّ إطروحة اليهودي الإسبانيّ كانت الجسر بينه وأتباعه والعلم العربيّ. يضفي هذا أهميَّة عظيمة ألفونس في تاريخ العلم في أوروبا. 

كعادته في التنقل غادرَ إنجلترا، وكان في فرنسا زمنًا ما، من سنوات العقد الثالث من القرن الثاني عشر، وكتب “رسالة إلى مشَّائي فرنسا Epistola ad peripateticos in Francia”، اشتكى فيها من قلة مريديه، وصرَّح بخبرته في علم الفلك، وانتقد فيها المتعلِّمين اللاتينيّين لإعراضهم عن تعلُّم علم الفلكِ الصراح وتفضيلهم دراسة النحو والمنطق. لا يُعرفْ على وجه التحديد في أي سنة تُوفي أو في أي أرض، وتشير بعض المصادر إلى وفاته في سنة 1140 عن عمر ناهز الثامنة والسبعين.  

أثبتت أعمال بطرس ألفونس بمنظورٍ لافت كيف أن الغرب اللاتيني [غرب أوروبا الناطقة باللاتينية] تبّنى الإرث الفكري والثقافي للعالم العربيّ ونقله إليه. قدَّم ألفونس نصوصًا جديدة وأفكارًا مغايرة إلى إنجلترا وفرنسا مثل الحِكَم الشرقية والحكايات الخرافيّة التراثيّة، والمعرفة الفلكيّة ونصوصها، وتفسيراته للقرآن والتلمود مدعَّمة بالجدل الدينيّ العربيّ-الإسبانيّ. شكَّل بطرس هذه المعرفة لتوائم احتياجات ورغبات الوعاء الأوروبي اللاتينيّ لقرَّائه، وعكست بحوثه الدينيةُ العقلانيّةُ نوازعَ اللاهوتيين، وما يقضُّ مضاجعهم في القرن الثاني عشر عن النهضة، وفَهم البحث الإيمانيّ. دافعَ بطرس بضراوةٍ عن علم الفلك وشدَّد على أن دراسة الطبيعة تكشف عن غايات الربِّ للخلِّق. وُجِّهت الأقوال الأخلاقية في كتاب التأديب لتثقيف الطبقة الرفيعة من رجال الدين المُتعلِّمين. ساهم قرَّاء ألفونس ونُساخه ومريدوه في ديمومة تطبيع العناصر العربيّة واليهوديّة في فكره، مستفيدين من كتاب المحاورات لإبداع أخرى، أشدَّ ضراوة على اليهودية ومناوءةً لها، ومن التنقيب في كتاب التأديب استخلصوا دقيقًا لصنع خبزِ حكاياتهم الوعظيّة وخرافاتهم الإرشاديّة. (د. ت. أ. م.)

التأديب الكهنوتي 

يتربَّع التأديب الكهنوتي على عرش أفضل أعمال ألفونس، وواحدٍ من أفضل الأعمال الأدبية الأوروبية في القرون الوسطى. قدَّم حكاياته المشرقيّة العربيّة، التي جمعها وترجمها إلى اللاتينيّة، هديّة لا تُقدَّر بثمن إلى الأوروبي القروسطي المتعلِّم، فعرَّفَه إلى حكاياتٍ جديدة من ثقافة وأمة مختلفة، وإلى أسلوب الحكاية الإطاريّة، الذي انتهجه من بعده الكثير من أدباء أوروبا. كان الكتاب مُعبِّرًا عن هُوية ألفونس الجديدة التي تصالحت في الأدب مع هُويته السابقة، الأمر الذي ما تيسَّر له في الجدل الديني كما بيَّنت المحاورات. شاع الكتاب في أوروبا منذ نشره، وعرفت النسخة الأولى منه باسم الحكايات الشرقيّة وسط الناطقين باللاتينية في القرون الوسطى. بلغ اليوم عدد مخطوطاته المكتشفة أكثر من ستٍ وسبعين مخطوطة كاملة أو جزئية، وتعود أحدث مخطوطاته إلى القرن السادس عشر، أي إنَّ الكتاب بقي متداولًا قرابة أربعة قرون في أوروبا وإنجلترا. ونظرًا لوجود هذا الكم الهائل من مخطوطات التأديب فإنَّ الكتاب ذو مقامٍ رفيع ومُبرَّزٌ في حقل المعرفة اللاتينيّة القروسطيّة.12 

يقول وليم هيوم أجمعت الدراسات الحديثة للتأديب الكهنوتي، في أصله اللاتيني، على حقيقة سبقَ وأكَّدتها الجهود السالفة: بأنَّ هذا الكتاب واحدٌ من أهم الكتبِ والأطروحات الذائعة الصيت في أدب العصور الوسطى. بل إنَّ الترجمات الفرنسية والاقتباسات من هذا الكتاب سبَّاقتان في ذلك، إذ تعود إحدى النسخ إلى أواخر القرن الثاني عشر وأخرى إلى القرن الثالث عشر. وتوجد نسخ شعريّة طُبعت إحداها أولَ مرةٍ سنة 1760 على يد العلَّامة الفرنسيّ باربازان بعنوان Le Castoiement d’un Pére á son Fils. ونُشرت طبعة أخرى من هذه النسخة على يد ميون في المجلد الثاني من كتابه Fabliaux et Contes des Poétes François des xi, xii, xiii, xiv et xv Siècles في باريس 1808. تُرجم الكتاب نثرًا إلى الفرنسية في أواخر القرن الثالث عشر، ويرجع تاريخُ ترجمات أخرى إلى بواكير القرن الرابع عشر، وأواسط القرن الخامس عشر. بالإضافة إلى المخطوطات الفرنسيّة ثمة ترجمات معروفة إلى الآيسلنديّة والإيطالية والألمانية والإسبانية والإنجليزيّة، أو اقتباسات من كامل كتاب التأديب أو أجزاء منه، تعود جميعها، كما يتَّضح، إلى حقبة العصور الوسطى13. وتتوزَّع مخطوطات الكتاب على مكتبات أكثر من عشرين دولة من شرق أوروبا إلى غربها. 

يرى هيوم أنَّ التأديب أول مجموعة حكايات شرقية كاملة معروفة في العالم الغربيّ، وقُدِّرَ لها الانتشار العظيم والذيوع الكبير في آداب الأمم الغربية. ويسع المرء القول بلا مبالغةٍ إنَّ الكتاب لم يكن أول مجموعة حكايات مُعتبرةٍ طبَّقَ صيتها الآفاق في الآداب الغربيّة بل إنَّها افتتحت، وعلى كل الاحتمالات، النوعَ الأدبيّ النثري الذي عُرفَ بالرواية. إذ لم تعرف الكنيسة، حتى وقت تأليف التأديب الكهنوتي، على مدى قرون مجموعة حكايات سواء جُمعت من مواعظِ آباء الكنيسة أو مصادرَ أخرى، على الرغم من أنَّ آباء استخدموا الحكايات والأمثال في بيان أغراضهم وتوضيح مقاصدهم. امتازت حكايات ألفونس بسمةٍ لم تُعرف من قبل في أنَّها حكايات مستقلِّة أو غير مترابطة بخطة وعظيّة أو غاية دينيّة جليّة. مع ذلك فإنَّ حكايات التأديب ذات غرضٍ أخلاقي رابطٍ يتضحُ تلقائيًا، وإنْ لم تُبيّنه الحكايات ذاتها كما في الحوارات متباينة الطول، وفي الأصل اللاتيني فإن الرابط دائمًا موجودٌ بين حكاية والأخرى التي تليها. تبدو السمتان الأخلاقية والجدليّة في الحكايات، سواء بإدراكٍ من المؤلف أم لا، أقلَّ أهميّة وشأنًا للقارئ من الحكايات في سماتها الأدبيّة وجوانبها الفنيّة. وبالمقابلة مع المواعظ الكنسية السابقة، المُبيَّنة بالأمثال، فإن الغاية الأخلاقية والدينية هو الغرض الوحيد منها. قلبَ التأديب الكهنوتي نظام الاهتمامات البشريّة وخطا خطوةً بارزة صوبَ افتتاح أنواع جديدة من الأدب النثريّ.14

يُطرح سؤال عن كتاب التأديب الكهنوتي وبمن تأثَّر ألفونس ليؤلِّفَ مثلَ هذا الكتاب موضوعًا وحكاياتٍ وأسلوبًا، ومن أين استمدَّ مادته؟  

يرى ديفد واكس أن ألفونس تأثر بكتب الأدب العربيّ المُجمِّعة للأخبار والحكايات والأمثال والأشعار على غرار العقد الفريد، ويقابل بين ما ذكره ابن عبد ربه في استهلال العقد الفريد: “وقد ألَّفتُ هذا الكتاب وتخيَّرت جواهرَه من مُتخيَّر جواهر الآداب ومحصول جوامع البيان فكان الجوهر ولباب اللباب، وإنما لي فيه تأليف الأخبار وفضل الاختيار، وحسن الاختصار، وفَرْش في صدر كلِّ كتاب، وما سواه فمأخوذ من أفواه العلماء ومأثور عن الحكماء والأدباء. واختيار الكلام أصعبُ من تأليفه. وقد قالوا اختيار الرجل وافدُ عقله وقال الشاعر: 

قد عرفناك باختيارك إذ كا  * ن دليلا على اللبيب اختياره“15 

وما ذكره ألفونس في استهلال كتابه جارى به ابن عبد ربه بقوله: “من أجل ذلك ألَّفتُ هذا الكتاب، فشطرٌ منه أقوالُ الفلاسفة ووصاياهم، وشطرٌ منه أمثال العرب مُضمِّنا كلَّ شطرٍ بمواعظ من الشعر والنثر، وشطرٌ منه حكايات الحيوان والطير”.16   

لم يكن كتاب ابن عبد ربه فريدَ نوعه، إذ كتب العرب من أمثال هذه المؤلَّفات في اللغة الأدب كما لدى ابن المقفَّع والجاحظ والمبرِّد وابن قتيبة والقالي والتوحيدي، ولعل ابن عبد ربَّه (860-940م) بكتابه العقد الفريد هو الأقرب إذ عاش في قرطبة، الأندلس. أما جونز وكيلر فيذهبان إلى أنَّ ألفوس استمدَّ كتابه من كتاب كليلة ودمنة لابن المقفَّع، ومن معنى لفظة “أدب”، وما تدلُّ عليه، تبنَّى ألفونس معنى الأدب، فهو أديبٌ في نظرِ أقرانه من المسلمين ومعاصريه، وكان متضلعا من مبادئ الأدب ومراميه17. استمد ألفونس من كتاب كليلة ودمنة أسلوب الحكاية الإطاريّة، وسيأتي الحديث عن هذا.    

أصبح كتاب التأديب الكهنوتي وفقًا لهذا كتاب عبور ثقافي** للأدب العربي الدنيويّ للأندلسيّين المُستعْمَرين بمسحةٍ مُتنصِّرة وصيغةٍ لاتيّنية، وهو مثال مائز عن العبور الثقافي للمعرفة الأندلسيّة إلى المجتمع النصرانيّ (د. و). يخرجُ بذلك من غرضه الأدبي داخلًا حقلًا جديدًا في الاستيعاب الأدبي والثقافي العربيّ من ألفونس، وإعادة إنتاجه في بيئة مختلفة لقارئ جديد فضلًا عن غايات أخرى عامة وشخصيّة. تبرزُ الغاية الإرشاديّة التعليميّة في بيان ألفونس ذلك في استهلاله الكتاب “أن يبذلَ قُصارى جهده في دراسة الفلسفة المقدَّسة ما دامَ حيًا. سيُنعم عليه في دراستها بمعرفة خالقه، والصبر على تقلّبات الزمان ومصائبه، وحماية نفسه من الأخطار والشرور وتعثُّرات حظه، وبسلوكه هذا الدرب في الحياة فآخره بلوغ مملكةِ السماء. وإذا ما عاشَ مُلتزمًا بتعاليم التأديبِ المقدَّسِ سيحقق الغاية التي بُرِئ لأجلها ويكون ساعتها حكيما كليما. تبيَّن لي أنَّ الإنسان خُلقَ ضعيفا، فكان حريًا به طلب العون والإرشاد إذا ما رغبَ ألا تزرَ حاله وترزأ. وعليه بالمداومة على حفظِ عقله فيتذكّر أبدا أنَّ بمعونته تلينُ نفسه وتصفو، فإذا ما غفلَ عن عقله استلزمه الجهدُ الجهيد حتى يستذكرَ ما نسيه”. لكن في الوقت نفسه فمن الوارد أنَّ غاية بطرس ليست غاية أخلاقيّة إنما ترفيهية من كتابة هذه القصص، وهذا ما تمثَّل في اختيار عنوان “دليل المتعلِّم” في ترجمته الإنجليزيّة، أو التدريب المدرسي لرجال الدين، وغالبا ما استُخدم من رجال الدين في نقاشاتهم، وطغت النبرة الأخلاقية في بعض حكاياته.18 

لم يعبّر الكتاب عن معتقد الكاتب الجديد إذ ما احتوى  عناصر نصرانيّة الأصل، ولا بيّن المعتقد النصرانيّ، ولا ذكر معجزات القدِّسيين، واقتصرت الإشارة الوحيدة إلى النصرانية على ما ذُكرَ في (“قال بطرس ألفونس، خادم عيسى المسيح، مؤلف هذا الكتاب” وقوله “الحمد لله الذي كان ولم يكن شيء سواه” وفي خاتمة افتتاحه “وأدعو الربَّ أن يأخذَ بيدي في كتابة هذا الكتاب”)، وأوضحَ أنَّ غايته الأولى ليس تعزيز المعتقد النصرانيّ بل تقديم عناصر من الأدب الأندلسيّ إلى القرَّاء لا تتعارض أو تزدري الإيمان النصرانيّ19. ويمكن الاستدلال من الاستهلال أنَّ التأديب الكهنوتي كُتبَ (أو ألِّف) في زمن غير بعيد من بواكير القرن الثاني عشر بعد تنصُّر ألفونس.20 

يرى ديفد واكس أهميّة مختلفة لهذا الكتاب في إعطاء صورةً عن هوية ألفونس المتصارعة ففي الوقت الذي عجزَ في المحاورات أن يقنع موسى بالتحرُّر من ماضيهما المشترك، فقد بدا في التأديب أكثر نجاحًا في مصالحة بطرس وموسى. وأبانت تجربته أنَّ ما عجزَ عنه النقاش العقلانيّ في توفيق الهُوية المتصارعة والتباين الحواريّ؛ نجحَ فيه سردُ الحكايات.21  

اعتمد ألفونس في جمع مادة كتابه اعتمادًا شبه كاملٍ على الأدب العربي، ابتداءً من استخدامه أسلوب الحكاية الإطارية الذي ظهرَ أولَ مرة مع كتابه في الأدب الأوروبي، وتكرر ظهوره في كتب أوروبية لاحقة، انتهاءً بمادة الكتاب من أقوال وأمثال وأشعار وحكايات. يقول فرنر سودرهيلم وألفونس هيلكا يسعنا في حقيقة الأمر العثور على معظم الأقوال الواردة في التأديب في كتب سابقة أو معاصرة، وفي ذات الوقت لا يمكننا التأكد من وجود حكايات الكتاب في الأدب العربي في بواكير العصور الوسطى، ولكن ما من سبب للشكٍ فيما ذكره ألفونس عن أصولها، فضلا عن أنَّ الكثير من الحكايات الواردة في الكتاب موثَّقة في التراث الشعبي لمختلف الشعوب الشرقيّة. بيد أنَّ هذا لا يقدم دليلا مباشرًا على أصولها الشرقيّة، فمن الوارد وجودها في أوروبا وظهورها بأصناف أدبيّة مختلفة ثم انتشارها لاحقا في دوائرَ أوسع، وهذا بلا ريب الحال نفسه مع بعض حكايات ألف ليلة وليلة.22 

إنَّ اعتماد بطرس ألفونس على الأدب العربي في جمع مادة كتابه جليٌّ غير خافٍ، ويسع القارئ الوقوف على الكثير من الأقوال الواردة في كتب التراث العربي، وكذا الحال مع الأشعار فجُلُّها من الشعر العربي، إذ استشهد الشاعر في أكثر من موضعٍ بأبيات للشافعي وأُخَرَ لأبي العتاهيّة. أما الحكايات فقد وردت حكاية القهرمانة والكلبة، وهي إحدى حكايات ألف ليلة وليلة، وتمتاز الحكايات الأخرى بعربيَّتها بيئةً وشخصياتٍ كما نرى في حكاية الصديقان الكاملان، وحكاية حجيج مكَّة الثلاثة والرغيف، وحكاية الصناديق العشرة. في ذات الوقت وردت حكايات وأقوال ذات أصول يونانيّة كما في تلك المتعلِّقة بالفيلسوف سقراط وأفلاطون وأرسطو والإسكندر. ولا أستبعد أنَّ ألفونس غيَّر في غرض بعض الحكايات وبُنيتها وهذا ما أقرَّه بنفسه حين قال في استهلاله “عقدتُ أمري فيه على أن أخلّصه من كل ما ينافي ديننا ما وسعني سبيل إلى ذلك”. يتألف الكتاب من أربع وثلاثين حكاية متنوعة المواضيع يرويها عربي في احتضاره على ابنه. بيد أن هذه الحكاية الإطارية بين الأب وابنه تأخذ شكلا مرنا، وتتبدل الأدوار بينهما، ويغيبان أحيانا ويقوم محلّهما فيلسوف ومريده أو معلم وتلميذه. تتنوع مواضيع الحكايات إذ ابتدأ ألفونس الكتاب بموضوع خشية الله وأنهاه بموضوع خشية الله، وما بين خشية الافتتاح وخشية الاختتام تحدَّث في حكاياته، وما تعلَّق بها، عن النفاق، وتجنُّب الكسل ورفقة الفسَّاق، والكذب، والجشع، والتبذير، والجحود، وشرار النساء، وعن الصداقة، والزهو بالنفس، وفضل الحكمة والصمت والمشورة، والنبل، والكرم، والخير، والإحسان، وعن الغنى، والنباهة، والفطنة، والقناعة، والفنون السبعة، وآداب الملوك وأخبارهم، وآداب المائدة، والزهد والموت، وفي التحذير من الدنيا ومتاعها وأنَّها إلى زوال.  

1 مقدمة Jones & Keller مترجمي الكتاب إلى الإنجليزية بعنوان دليل المتعلِّم A Scholar’s Guide طبعة سنة 1969. 

*  بحسب فرنر سودرهيلم وألفونس هيلكا، في مقدمتهما الألمانية للطبعة اللاتينية (Heidelberg, 1911)، فإن اسم مؤلف التأديب الكهنوتي بطرس مع لقب ألديفونسي، أو أديلفونسي، أو أمفولسي، أو ألفونسي، أو ألفُنسي، أو ألفونسوس، أو ألفُنسوس، أو أنفونسوس، أو أنفولسوس أو غير ذلك. يبدو أن التقليد الأدبي فضل صيغة ألفونسوس في هذه المخطوطة، والأفضل إضافة اسم بطرس إلى ألفونسوس (لأنه كان المُعمِّد والأب الروحي) ويكون اسمه بطرس الألفونسوس.

 يمكن رسم الاسم الأول بالعربية إلى بيتر أو بِتَر أو بيطر أو بِطَر أو بُطرس أو حتى بِدرو أو بيدرو، وكذلك الاسم الثاني فهو ألفونسو أو ألفونس أو ألفونسي أو ألفُنس. وجاء الاختيار على بطرس ألفونس (المترجم).  

2- وليم هيوم محقق الترجمة الإنجليزية الوسطى Hulme, William Henry. “Disciplina Clericalis” English translation. وسأشير إليه بـ و. هـ. يرد خطأ في هامش الكتاب على لسان ألفونس أنَّ التعميد جرى في يوم القديس بطرس وبول من شهر تموز، والصواب هو شهر حزيران، المصادف التاسع والعشرين من الشهر. ولا ريب أن الخطأ وقع عند نقل الاقتباس.

3- حقَّقَ فرنر سودرهيلم وألفونس هيلكا Alfons Hilka and Werner Soderhjelm مخطوطات “التأديب الكهنوتي” اللاتينية الثلاث والستين وقارنوا بينها ونشروا النسخة الأفضل بطبعة (Heidelberg, 1911). سأشير إلى هذين المحققين بـ ف. س. وأ. هـ.  

4-In: Christian-Muslim Relations. A Bibliographical History. Volume 3 (1050-1200). Authors: D. Thomas and A. Mallett وسأشير إليهما بـ د. ت. وأ. م.
5- جونز وكيلر، مقدَّمة الطبعة الإنجليزية 1969. 
6- Conflicted Identity and Colonial Adaptation in Petrus Alfonsi’s Dialogus contra judaeos and Disciplina clericalis – David A. Wacks. وسأشير إلى ديفد واكس بـ د. و.
7- Catholic Encyclopedia.

8-دراسة ديفد واكس.

9- المرجع السابق.

10- كتاب د. ت. وأ. م.

11- المرجع السابق.

12- جونز وكيلر، مقدَّمة الطبعة الإنجليزية 1969. 

13- وليم هيوم، مقدمة الترجمة الإنجليزية الوسطى.  

14- المرجع السابق.

15- العقد الفريد – ابن عبد ربه، تحقيق الدكتور مفيد محمد قميحة، ص 4.

16- دراسة ديفد واكس.

17- جونز وكيلر، مقدَّمة الطبعة الإنجليزية 1969. 

** العبور الثقافي عبارة نحتها الأنثروبولوجيّ الكوبيّ فرناندو أورتز في دراسته الذائعة الصيت Contrapunto cubano del tabaco y el azúcar. بيَّن أورتز في أطروحته أنَّ ثقافة الشعب المُستَعْمَر لا تختفي بتبنيِّها ثقافة المُستَعْمِر، بل تندمج فيها في عملية عبور ثقافيّ تتأتَّى منها ثقافة فريدة تحمل عناصر الثقافتين لكنهما بالكامل نتاجِ المُستَعْمَر [أي استيعاب وإعادة تشكيل وإنتاج]. ديفد واكس.  

18- Jewishencyclopedia.

19- دراسة دفيد واكس.

20- وليم هيوم، مقدمة الترجمة الإنجليزية الوسطى.

21- دراسة دفيد واكس.

22- مقدمة الطبعة الألمانية للمخطوط اللاتيني من كتاب التأديب الكهنوتي.

المصادر والمراجع 

– Petrus Alfonsi; Hulme, William Henry. “Disciplina Clericalis (English translation) from the fifteenth century Worcester Catherdral Manuscript F. 172”. May, 1919. Cleveland, Ohio: 1919

– A Scholar’s Guide: A translation of the Twelfth-Century Disciplina Clericalis of Pedro Alfonso by Joseph Ramon Jones and John Esten Keller. University of Kentucky, Lexington, Kentucky.

– Alfons Hilka and Werner Soderhjelm, Petri Alfonsi Disciplina Clericalis. I. Lateinisce Text in Acta Societatis Scimtiarum Fennicae, XXVIII, No. 4 (Helsinfors, 1911). Published also in Sammlung mittellateinischer Texte 1 (Heidelberg, 1911). 

Christian-Muslim Relations. A Bibliographical History. Volume 3 (1050-1200). Authors: D. Thomas and A. Mallett.

The Canterbury Tales And Other Poems of Geoffrey Chaucer Edited for Popular Perusal by D. Laing Purves

– Jewishencyclopedia.

Catholic Encyclopedia.

Conflicted Identity and Colonial Adaptation in Petrus Alfonsi’s  Dialogus contra judaeos and Disciplina clericalis David A. Wacks.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى