التراث العالميشعرمقالات

صافو شاعرة اليونان 

ويليس بارنستون 

 ترجمة وتحرير: مؤمن الوزان 

ذاعت سيرة صافو بعد وفاتها، وكانت خليطا من الحقيقة والتناقض والحقد والأسطورة، ووجدت كل الشهادات عنها في كتابات النحويين والنقّاد والمؤرخين مثل سترابون وأثينايوس وهيرودوتس، وسويداس، ولا ريب أنّ بعض ما ورد عنها يحمل الصدق في مضمونه. أبدعت صافو أساليب شعريّة، وقيل إنها أول من استخدم بيكتس Pectis (نوع من القيثارة)، وابتكرت نغم الميكسوليديان، والمقطع الصافويّ الشعري، وكانت أول شاعرة من جزيرة لزبوس تساهم في تطوير الشعر اليوناني. اندثر شعر صافو وما بقي منه إلا القليل، فمن بين خمسمئة قصيدة منسوبة إليها ليس في أيدينا اليوم إلا نحوا من ألفي سطرٍ، يمنح بعضها معنى كاملا، ولم تبلغنا هذه الأشعار من مصدر واحد بل مصادر متنوعة. نالت صافو شهرتها بعد وفاتها، وكثرت عنها الحكايات والأقاويل، وزاد من ذيوع اسمها نظرة الكنيسة إلى شعرها، فاتهمته بأنه مفتقر للأخلاق وأنكرت عليها مراميها فاستهجنته بضراوة وحظرته. هاجمها اللاهوتيّ السوري تاتيان في بواكير سنة 182م قائلا ’كانت صافو امرأة عاهرة، ومغتلمة، غنّت عن فجورها‘. وأمر القديس غريغوريوس النزينزي، أسقف القسطنطينية، في سنة 380م بحرق كلّ كتابات صافو حيث وجدت. في المقابل أثنى عليها أفلاطون وسقراط وغيرهما. 

ولدت الشاعرة نحو سنة 630 ق. م. في جزيرة لزبوس في منطقة إيريسوس أو ميتيليني، والثابت عنها أنها عاشت معظم حياتها في ميتيليني. وصافو اسمها بالأتيكية اليونانية (لغة أهل أثينا اليونانية واللغة التي دوّن بها جلّ الأدب اليوناني القديم)، ونطقت اسمها بلهجتها الأيوليّة سابفو Psapfo، وهو ما استخدمته في شعرها. كتبت صافو بلسان قومها في لزبوس وهي اليونانيّة الأيوليّة. مُنح والدها اسم سكامندرونيموس، وظهر بلفظ سكامندروس، وسيمون، وإيموينوس، وغيرها من ألفاظ. واسم أمها كليس. تذهب بعض الأقوال إلى أنها تزوّجت تاجرا من جزيرة أندروس اسمه كيركيلاس وهو أبو ابنتها كليس، وينكر آخرون وقوع هذا الزواج. كان لها اثنان من الإخوة، أو ثلاثة، وهم هاراكسوس، ولاريوس، وثالث غير متأكد من حقيقة وجوده هو إيوريغيوس. تحدثت في بعض شعرها بامتعاض عن هاراكسوس لأنه فتيّ مخر البحر في تجارة الخمر مصنوع من مزارعه، وبدد الكثير من ثروة العائلة في مصر في شراء حرية جارية تدعى دُرِّيَّة؟ (Doriha). وعمل لاريوس خمّارا في ميتليني. لكننا لا نعلم شيئا عن الأخير إيوريغيوس إنْ وجد حقا. 

لا نعرف كيف كانت سمات صافو الشكليّة إذ لا نملك عملات ولا تماثيل ولا رسوم آنية تحمل صورها إلا بعد وفاتها. أشير إليها غالبا بصافو المحبوبة، ومن ذات المصدر وصفت بأنها قصيرة وسمراء وقبيحة ومثل “عندليب ذي جناحين قبيحين يلفّان جسدا ضئيلا”. هذه كلمات من تعليق في كتاب صور الفلاسفة للوقيانوس السميساطي (ت: 180م)، ووصفت في الكتاب نفسه بأنها “مجد أهل لزبوس التليد”. ووصفها أفلاطون في محاورة فيدروس بربة الشعر العاشرة، وقال عنها بلسان سقراط “صافو الحسناء”. يحمل هذا الوصف في الأقل اعتقادا معاصرا في الجمال الأنثويّ، وفي صور العملات والتماثيل فإن لـ”لعندليب قبيح الجناحين” رسماتٍ بسماتٍ مثاليّة وبجمال أفروديت.       

عاصرت صافو حكم ثلاثة مستبدين في لزبوس هم ميلانروس، وميرسيلوس، وبيتاكوس الحكيم. ويتضح أنها خرجت في صباها مع عائلتها، لأسباب سياسية في عهد ميرسلوس، إلى بلدة بيرا في لزبوس، ولاحقا إلى سيراكوس في صقلية في عهد بياتكوس في الأرجح. يشير ذلك إلى مكانة عائلتها السياسة في لزبوس، وأنها من علية القوم وثرية، فمكّنها هذا من التمتع بحرية ورفعة جنّبتها سطوة الرجال. 

ارتبط اسم صافو بحب النساء اعتمادا على ما ورد في شعرها، وربط اسمها بالسحاق وأصبحت في نظر الكثيرين رمزا من رموز الشذوذ الجنسي الأنثوي، وكان مصطلح Sapphic love “الحب السحاقي” أكثر ما أُشيع، واستخدم مع صفة صافويّ Sapphic، ومن معاني هذه الكلمة سحاقية أو ما له علاقة بالسحاق، وكذلك Sapphism التي تعني السحاق. بل إن كلمة ليزبيان Lesbian “سحاقية” مشتقة من اسم جزيرة لزبوس حيث عاشت. بقيت هذه التهمة ملتصقة بها دون دليل قاطع عليها. يصف الباحث أندري لاردينوس جدلية جنسانية صافو بأنه “تساؤل صافو الأعظم”. لم تذكر صافو في شعرها علاقاتها مع الرجال لكنها ذكرت صويحباتها اللائي عشقتهن بلوعة، وذاقت برفقتهن حلاوة السعادة وهن أناكتوريا، وآثيس، وغونغيلا، وتستذكر بلهفة فراقهن لها وألم الغياب. ادّعى القدماء وجود امرأتين حملن اسم صافو واحدة هي الشاعرة والأخرى عاهرة قرضت الشعر أيضا. وكتب أوفيد قصيدة طويلة عن أسطورة انتحار صافو من جرف جزيرة لوكيديا حزنا على فراق حبيبها البحار فاون (شخصية من الأساطير اليونانية).  

*

من شعرها

ابتهال إلى أفروديت 

أتوسل إليك يا أفروديت

يا ذات الكيد والعرش التليد 

يا بنة زيوس- 

ألا تكسري فؤادي بآلامِ  

 

أتوسل إليك يا مولاتي

سمعتِ يوما دعائي 

آتٍ من بعيد-

غادرتِ منزل أبيك الذهب

وتنزّلتِ عليَّ بعربةٍ يجرُّها الطير 

 

عصافيرُ بديعة يخفقُ جناحها 

جاءت بكِ من السموات 

وأنزلتك إلى كبد السماء 

مطلّة على الأرض السوداء 

وإليّ أوصلتكِ

 

أيتها المباركة 

يا باسمًا ثغرها الأبدي 

سألتني ممَ أشكو، 

ولمَ هذا الدعاء،  

وماذا أرجو في هذا القلب العنيد؟  

’بصدرِ من سأنزُل حبك؟

ومن يا سابفو أساء إليك؟

إنْ هربتْ منكِ ستلاحقك 

إنْ رفضتْ هداياكِ سترشوك 

إنْ لم تحببك رغما عنها ستهواك‘

 

تعالي إليَّ وحرريني 

من عذاب يبتليني 

ملء فؤادي شقاء يحرقني

كوني معي وكوني حليفتي 

– يعلق ديونيسوس الهاليكارناسوسيّ في كتاب “On Literary Composition” عن هذه القصيدة كاتبا: إنَّ عذوبة هذه القصيدة وسحرها كامنٌ في تناسق ألفاظها وأبياتها ورقّتها. فالكلمات تتجاور فيها وتتداخل وفقا لتقاربها الفطريّ واتحاد حروفها.   

*

امتلاك 

وجهًا لوجهٍ يُجالسكِ 

ويسمعُ همسكِ والضحكات 

من أراه أشبه الناس بالآلهة، 

لصوتكِ صداه الحبيب 

يُخفقُ القلبَ في الضلوع.

خالٍ صوتي اليوم 

حين أنظرُ إليك

ويختلجُ في فمي اللسان

وتستعرُ دون جلدي النيران. 

تعمى في النور عيناي 

وتصمُّ أذناي

وأغرقُ في عَرَقي. 

أختلجُ أصفرُّ أخضرُّ 

ويتفلّت مني عقلي 

كأني من موتي أقتربُ. 

مكتوبٌ عليّ الشقاء، يا حسرتاه! 

– يعلّق لونجينوس في كتاب “On the Sublime” كاتبا: لمن المذهل جمعها في آن واحدٍ الروحَ والجسدَ والسمعَ واللسانَ والبصرَ والجلدَ كأنها أشياءُ منفصلة تماما عن ذاتها، وعلى الضدِّ من طبيعة العناصر فإنها تجمد وتحترق، وتجن وتعقل، وخائفة أو تقترب من الموت، فليس الحبُّ جليًا وحده في هذا المقام بل اجتماع العواطف، إذ يتناب الجميع في أثناء الحب ما ينتابها لكن ما تفعله، كما ذكرتُ، أنها تأخذ خيرَ العواطف وتنظمها معا مُبدعةً شعرًا من النخب الأول. 

*

ذكرى صويحبتي 

صدقًا أني أتمنى الموت

غادرتِني والعينُ فائضةٌ بالدمع

وبحبٍ قلتِ لي 

’آهٍ ما أطولَ شوطَ المعاناةِ

وما تكبّدنا يا سابفو من شقاء

قسمًا أني أفارقكُ بغير رغبتي‘. 

 

أجبتُكِ حين ذاك 

’ليسعد قلبكِ، فاذهبي وتذكريني

 وما أكثرَ عشقنَا لك. 

 

وإنْ صددتِ عن الهوى 

سأذكّرك برغدِ العيشِ- 

الذي تشاركناه على مرِّ السنينِ،

 

وبزهرِ البنفسجِ والوردِ والزعفران 

وكيفِ بجواريِ صنعنا من الأزهار-

أكاليلَ وأطواقًا زيّنا بها جيدَكِ، 

وساعةَ أخذتِ زيتَ المرّ، 

يليقُ بالملكاتِ، 

ودهنتِ ببَضِّ الأناملِ يديكِ وقدميكِ، 

 

وبالفراشِ الوثير-

الذي روى فيكِ أشواقكِ وأرضاكِ

 

وبأننا ما فوّتنا يوما-

ضريحا، ولا بستانا، 

ولا حفلا، ولا غناء‘.

*

أمنية الجمال1 

 

سلنَ يا بنات بإلحاحٍ 

على نغمِ القيثارة والأغنيات

هذي الهدايا من ربّاتِ الشعرِ 

عطراتِ الأثداء.

 

غضّنت الشيخوخة رائقَ جلدي 

ابيضَّ بعد سواده شعري 

اثَّاقلتْ في صدري روحي 

ما عادت تحملني ساقاي

لأرقصَ بخفّةٍ كخشيش2

 

أتذمرُّ على ما صرتُ، فما الحلُّ؟

والمرءُ عاجزٌ عن كبحِ جماح العمر. 

 

قالوا الحبُّ غيَّبَ عقلَ إيوس3 

وخطفتْ في ساعةٍ تيثونوس 

أخذته بيديها الورديّتين إلى آخر الأرض. 

جميلا وفتيّا قد كان 

فأتى عليه الزمان 

موخوطُ الشعرِ وشيخ

وزوجٌ لامرأة لا تشيخ. 

1- للشاعر فرانسوا فيون قصيدة شهيرة بعنوان الجمال الذاوي، وكلا القصيدتين في الموضوع نفسه، وتقدم صورة متشابهة في المقابلة بين ما كان وبين ما هو كائن من جمال المرأة. تذكّر المرأة، الصوت الشعري في القصيدتين، النساء بهذه الحال التي يؤول إليها جمالهن. يمكن قراءة قصيدة فرانسوا من هنا

2- الخشيش: صغير الغزال. 

3- كانت إيوس ربة الفجر في الأساطير اليونانية، أحبّت الأمير الطروادي تيثونوس وخطفته. 

*

شذرات 

 

– يفيض القمر في بهائه

حين تجتمع النساء في المذبح

 

– رقصت يوما ببهجة نساء كريتا  

ودرنَ بأقدامٍ خفيفة حول المذبح الجميل

يدسن أزهار العشب الناعمة 

 

– أفروديت أدونيس يحتضر 

فماذا نفعل؟ 

الطمنَ يا عذارى 

واشققن الثياب 

 

– أفروديت يا ذات التاج المذهّب 

يا ليتني أحظى كثيرا بهذا! 

 

– يا نجم المساء 

يا جالب نور العِشاء البراق

ردّ الأغنام إلى الدار 

ردّ التيس إلى الدار 

ردَّ الصغير إلى حضن أمه

 

– النجوم من حولك 

أيها القمر البهيّ 

يختفي بريقها 

حين تبزغ بكمالك الفضيّ 

على الارضِ 

 

– تتزخرف الأرضُ 

بأكاليل قوس قزح 

 

– أيها العندليب ذو الصوت الشجي 

أنت حادي الربيع إلينا 

 

– لا أتمنى لمس السماء 

بهاتين اليدين

 

– بكارتي يا بكارتي 

أين تركتني وذهبتِ 

أبدا لن أعود إليكِ.. 

أبدا لن أعود.. 

يعلّق ديمتريوس عن هذه القطعة في كتاب “On Style” قائلا: إنَّ الألق البازغ من استخدامها عناصر أسلوبيّة جليٌّ وحاضر، مثل التكرار حين تخاطب العروس بكارتها “بكارتي يا بكارتي أين تركتني وذهبتِ؟” وتكرر بذات العنصر الأسلوبيّ “أبدا لن أعود إليكِ.. أبدا لن أعود..”. فإن الألق طاغٍ في هذا التكرار أكثر منه لو قالته مرة واحدة ولم تستخدم هذا العنصر الأسلوبيّ. ومع أنَّ التكرار أبدع لبيان القوّة فهو عند صافو لبيان قوة مهولة يلّفها سحرٍ آخّاذ.   

 

– ماذا تشبه أيها العروس الوسيم 

إنكَ أكثر الخلق شبها ببرعمٍ 

 

أيتها العروس 

ليس في النساء اليوم من يشبهك

 

– في يد هرمس إبريق الأمبروزيا 

يطوف على الآلهة يسقيها الشراب

يرفعون في الأيادي الأكواب 

يسكبونها في مباركة العروس 

 

– أيها العروس السعيد 

تحقق ما دعوت له من زواج

بين يديك عذراء الصلوات 

 

أيتها العروس 

يا صورة البهاء وعذبة النظرات 

يُمطر وجهكِ الصبوح ماء الرغبات 

 

باركتكما أفروديت وأجزلت العطاء 

 

– تغني العذارى طوال الليل 

أغنية الحبِ بين العروسين- 

عروسٍ في ثوب بنفسجيّ 

فنادِ الشبابَ من أقرانك

فنومنا في هذا الليل 

أقصر من شدو العندليب 

 

– يبزغُ القمرُ 

وتنير النجوم 

في كبد السماء، 

ويمضي الزمان 

وأنا أضطجعُ وَحدي.

 

– حائرةُ لا أدري ما أفعلُ

ساعةٌ نعم ثم عنه أعدلُ 

 

– تدخلُ البيتَ فأكاد من فرحتي أُجنُّ

وتُسكنُ عقلًا أحرقَه إليك التوقُ

 

– الوسيم من الرجال 

جميلٌ أن نراه 

والصالحُ منهم 

يتغلبُ على الوسامة 

 

– تُقتُ إلى الحبِ. 

وحين أنظرُ إليكِ،

وجهي لوجهكِ، 

لا يبدو حتى هرمس1 عَدْلكِ. 

ولا قرينَ لكِ بين النساء

خلا هيلين الشقراء2.

تعلمين أن بين يديكِ

إسكانَ روعي وتبديدَ القلق

وإسهاري الليل بطوله 

أستلقي على مبللِ الضفافِ.

1- هرمس رسول آلهة اليونان في الأساطير. 

2- هيلين الجميلة اليونانية التي هربت مع باريس الطرواديّ تاركة زوجها مينيلاوس فاندلعت بسبب هربها حرب طروادة الكبرى.  

 

– اقترب مني وواجهني يا حبيبي

 وبدّدِ الألقَ اللامعَ في عينيك. 

 

– فررتُ إليك كطفلةٍ إلى حضن أمها. 

 

– لا تجنَّ يا عقلي.

 

– أنسيتِني 

أو تراكِ أحببتِ رجلا أكثر مني؟

 

– ’أريدُ الإفصاحَ لكني الخجل يثبِّطني‘

’إنِ تُقتِ إلى حسناء أو صالحٍ 

فرطّبي بالمكرِ لسانكِ 

ولن يكسو الخجلَ عينيكِ. 

وإلا فلا حديثَ لكِ سوى الصدق‘. 

 

– تأمرهم دُرِّيَّة ألا يأتوا 

متعجرفة 

كحالِ من أحبَّتهم. 

 

– أقبلنَ عليَّ يا رباتِ الشعر

مغادراتٍ بيتَ الذهب 

 

– ثراء بلا فضيلة 

كجارٍ بلا نفعٍ

وإذا ما اختلطا 

فقد حيزتِ للمرء دُنياه

 

– لا أحسبُ أنَّ في قابل الأيام

خريدةً تنظرُ إلى حواجبِ الشمس

لها مهارتكِ وحكمتك. 

 

– صوتُكِ أعذبُ من نغمِ القيثارة

وأنضرُ من الذهبِ

وأبيضُ من البيضِ. 

 

– أنامَكَ الربُّ على نهدي حبيبتكَ الرَخْصَين. 

 

– لستُ صريعة جراحي

غير أني رهيفة القلبِ

 

– سيذكرنا في زمنٍ ما 

امرؤ ما 

 

– إنْ كنتَ صديقي حقا 

فاتّخذ لنفسكَ فراشا فتيّا 

لن أحتملَ العيش معك

وأنا أكبرُ منك

 

– الموتُ شرٌّ. هذا قرار الآلهة. 

وإلا لأحبت أن تموت. 

*

قالوا عنها

ما ذكره القدامى عن صافو وحياتها وشعرها. 

1- أحبَّ سقراط تسميتها “صافو الجميلة” لجمال شعرها، مع أنها كانت سمراء وقميئة. 

Maximus of Tyre, Orations 24(18)7

2- إذا ما تطرقنا إلى هيئة صافو فقد كانت بشعة، وسمراء، وقميئة، ويسعى المرء وصفها بعندليب ذي جناحين قبيحين يلفّان جسدا ضئيلا. 

Scholiast on Lucian’s Portraits 18 

3- كان فاون بحارا يعيش على الملاحة ما بين جزيرة لزبوس وبقية البلاد، وأخذ من فينوس ذات يوم، وقد تنكّرت في هيئة عجوز، صندوقا من المرمر بداخله زيت المحبّة، فاستخدمه يوميا في إيقاع النساء في غرامه. وواحدة من هاته النسوة صافو التي انتحرت بالقفز من جبل لوكيديا لفرط إحباطها. ثم جرت العادة من بعدها باستئجار أناسٍ مرة في السنة يقفزون إلى البحر من موضع انتحارها. 

Servius on Virgil’s Aeneid 10.452

4- يكرّم الناسُ الحكيمَ. فكرّم أهل باروس [الشاعر] أرخيلوكوس مع أنَّه سليط اللسان، وكرّم أهل كيوس هوميروس مع أنّه ليس منهم، وكرّم أهل ميتيليني صافو مع أنَّها امرأة. 

Aristotle Rhetoric 1398B

5- قال ’أترى أيّ سحرٍ في شعر صافو الذي يأخذ بألباب السامعين؟‘. 

Plutarch Pythian Oracles 6

6- قمين بنا أن نذكر صافو مع ربّات الشعر. روى الرومان عن كاكوس ابن هيفايستوس وإخراجه النار واللهب من حلقه. وكذا حال كلمات صافو فهي ممزوجة بالنار حقًا، وتُخرجُ بأغانيها حرارة فؤادها. وبحسب فيلوكسينوس فإنّها تُسلي عن الحبّ وأوجاعه رفقة ربّات الشعرِ عذباتِ الصوت. 

 Plutarch Dialogue in Love 18 

7- كانت صافو الوحيدة بين النساء التي أحبّت الجمال مع القيثارة، لذا كرّست كلّ شعرها إلى أفروديت وإيروس، متخذة جمال النساء والآلاء السماويّة موضوع أغانيها. 

Himerios Orations 28.2 (p.128s. Colonna) 

8- كان الشاعر أناكريون أول شاعر بعد صافو يجعل الحبّ موضوع شعره. 

Pausanias Description of Greece 1.25.1 

*

من شعر اليونان والرومان القديم عنها 

1- 

يقولون ربّات الشعر عشرٌ

أعد العدَّ

وأبصر العاشرة: 

صافو ابنة لزبوس.

Plato, in the Greek Anthology 9.506

2- 

اسمي صافو 

وتبذُّ أغنيتي أغنية النساء 

كما بذَّ هومير أغنية الرجال. 

Antipatros of Thessaloniki, in Greek Anthology 7.15

3- 

ذهلت ذاكرتي 

حين سمعت صوت صافو الطروب

وتساءلتْ أللبشرية ربّة للشعر عاشرة 

Antipatros of Sidon, in The Greek Anthology 9.66

4- 

في ذا القبر عظامٌ لصافو صموت 

لكن حكيمُ أقوالها لا يموت 

Pinytos, in The Greek Anthology 7.16

5- 

يا غريبًا تمرُّ على قبري الأيوليّ 

لا تقل عني، أنا مُنشدة ميتيليني، ميْتة! 

ما شيّدت قبري إلا أيادي الفناة 

وفاني عملِ الإنسان مآلُه النسيان. 

 

شعري خالدٌ كربّات الشعرِ المقدّسات

نلتُ من كلِّ ربةٍ زهرةً 

تسعٌ لكتبيّ التسعة. 

 

ستبصرنيّ فارَّةً من نيران هاديس 

ومع كلِّ طلوع للشمس 

يصحو اسم شاعرة الأغاني صافو.

Tullius Laureas, in The Greek Anthology 7.17

6- 

ماذا علمتنا صافو ابنة لزبوس 

سوى كيف نحب النساء؟ 

Ovid Tristia 2.363 

7- 

الحبُّ يحيا

والنار تلتهب

فالمرأة الأيوليّة 

غنّت لقيثارتها. 

Horace Odes 4.9.11 

8- كتب أوفيد قصيدة طويلة بديعة عن صافو بعنوان Sappho to Phaon، وترجمها بشعرٍ أخّاذ الشاعر الإنجليزي ألكسندر بوب. روى فيها أوفيد أسطورة حبّها لفاون وكيف انتهى بها المآل منتحرة، ملتقطا عذابات الحبِّ وصراع صافو مع عشقها وشوقها وحرمانها، حابسا كلّ ذاك في أبيات تفيض عذوبة ورقّة وبهاء. ومما جاء فيها: 

لا راحة لروحي في الموسيقا 

فما راحة الموسيقا إلا لمطمئني البال 

*

ما يسع امرؤ هزَّ فؤادكَ 

لا يهزُّ فاون إلا فاون 

*

لن يفني الزمان عزيز الذكريات 

أواهٍ ما أفسحَ ذاكرة الحب

*

أبصر كلماتي يزاحمهنّ الدمع 

كلما غاب عقلي أشرقَ حبي 

*

ما لمتني وما ألقيتُ لوما عليك

ما قلتَ إلا تذكري حبّنا وعيشي

*

أنتصبُ كتمثالٍ أخرسَ تعيس 

أبرد الحزن صدري وجمّد الدم 

لا أنةٌ أتنهدها ولا دمعٌ يقوى على الفيض 

راسخةٌ في مكاني قد أثقلني الشقاء 

*

الليلُ مُبهجي أكثر من طلوع النهار 

إذ يردُّ الخيالُ ما سلبه مني الفِرار1

*

أقبّل أرضًا وطئتها يوما قدماك 

وأندي بدمعي ذابلَ الأعشاب 

*

أفرُّ إلى الصخر والبحر من كره فاون 

علَّ الصخرَ والبحرَ عليّ يحنان

*

ويختمها: 

إنْ لم أجد عند فاون راحتي 

لأبحثَ عنها في البحار الهائجاتِ 

إلى أمواجِ البحرِ أقذفُ بنفسي 

فإما نهاية الحبِ وإما نهاية الحياةِ 

*

1- يذكرّنا هذا البيت بقول امرئ القيس 

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي 

بصبحٍ وما الإصباح منكَ بأمثلِ 

غير أن امرأ القيس لا يطيب له ليلٌ أو نهار. 

*

اعتمدت في إعداد هذه المادة عن صافو على كتاب قصائد صافو الكاملة The Complete Poems of Sappho لويليس بارنستون Willis Barnstone، 2011طبعة Shambhala Boston & London.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى