التراث العالميكتب

الأمير – مكيافيللي


حجم الخط-+=

واحد من أشهر الكتب السياسية والمؤسسة للعلوم السياسية، كتبه مكيافيللي ليهديه إلى الأمير لورنزو سليل عائلة ميديشي التي كانوا حكاما لفلورنسا، المدينة الإيطالية التي كانت من أشهر المدن الأوروبية في جوانب حضارية وثقافية وأدبية فإليها ينتمي دانتي إليغري صاحب الكوميديا الإلهية وبوكاشيو صاحب الديكامريون. يحوي كتاب الأمير خلاصة تجارب مكيافيللي السياسية في الإدارة والحكم، يكشف فيه عن دهاء سياسي لا يعترف بالقيم والمبادئ فالغاية هي من تبرر الوسيلة، صاحب الكتاب الكثير من الجدل، حتى إنه أُدرج على قائمة الكتب المحظورة من قبل محاكم التفتيش في عام 1559 إلا إنه في ذات الوقت كان محطًا للدراسة والتدارس، حتى قيل إن موسوليني وهتلر كانا يقرآنه مرارا وتكرارا ويعتدمان عليه، ليعد الكتاب فيما بعد أول الكتب المؤسسة في العلوم العسكرية. لم يكن الكتاب لوحده مُثار جدلٍ بل حتى مكيافيللي نفسه فقد اشتقت صفة مكيافيلليّ Machiavellian لتشير هذه الصفة إلى الفيلسوف ومؤسس مدرسة التنظير والتحليل السياسي وتدل على النفعية السياسية والوصولية على أكتاف الآخرين، فمن اسمه اشتقت صفة المكيافيلليّ والمكيافيلليّة. كذلك فإن شخصية مكيافيللي في المِخيال الأدبي هي شخصية شريرة، تمثل الجانب المظلم واللا أخلاقي والانتهازي من الذات البشرية. 

قد لا يخرج القارئ بأثر ملموسٍ مباشر من قراءته لكتاب الأمير إلا إنه في المقابل يوسع مدارك القارئ السياسية والتحليلية بل ويمنحه أفكارا وأساليبَ تنفعه في حياته العامة فمكيافيللي شخصية مثقفة وعارفة ومفكرة ومن هذه الآثار التي لمستها في ربط الأحداث مع السياسة المكيافيللي ما حدث في مؤتمر لوزان عام 1922 الذي حضره مبعوث وفد حكومة أنقرة التي كانت ما زالت مرحلة صراع مع حكومة الخلافة في إسطنبول، فطلب رئيس الوفد الإنجليزي: إلغاء الخلافة إلغاء تاما، وطرد الخليفة خارج الحدود، ومصادرة أمواله، وإعلان علمانية الدولة، حتى تنال استقلالها. وانفض هذا المؤتمر دون الوصول إلى اتفاق. أمست قضية استقلال تركيا مرتبط بإزالة الخلافة، ورغم الصعوبات والعواقب ورفض أعضاء البرلمان وحتى بعض أفراد حزب الاتحاد والترقي هذا الأمر لكن كان لأتاتورك ألاعيبه وسلطته وقوته التي فرضت هذه الإرادة وتمت الموافقة على إلغاء الخلافة وأعلن المجلس الوطني الكبير هذا القرار في الثالث من آذار/ مارس 1924. واعتقل جميع أفراد عائلة السلطان والأمراء والأميرات ورحِّلوا إلى الخارج، وتحولت أوقاف المسلمين إلى الدولة، وتحولت المدارس الإسلامية إلى مدنية، وبدأ عهد جديد من عولمة الدولة بقيادة أتاتورك عدو الإسلام والمسلمين. وأعيد افتتاح مؤتمر لوزان ووافقوا على شروط الصلح واستقلال تركيا. هذه السياسات الأتاتوركية ذات الإرشاد الإنجليزي هي واحدة من السياسات التي أشار إليها مكيافيللي وحثَّ عليها ولا سيما نفي أفراد الحكومة السابقة ومصادرة أموالهم وتغيير القوانين السابقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى