
عانى الكثير منا لأي سببٍ ألمَ الفراق أو الخسارة والفقدان وترك ذلك في قلبه أثرًا، وكثيرا ما كانت خسارة الحبيب موجعة وفاطرة للقلوب. فكيف يستطيع المرء أن يجبر قلبه ويتجاوز مصابه. في هذا الكتاب لغاي وينش حديثٌ عن ألم فطر القلب وتأثيراته وكيف نجبره. لا يمكن أن أقول إن الكتاب موجهٌ لنا، أي لمجتمعاتنا لما فيها من اختلافات واضحة سواء دينيا أو اجتماعيا أو أخلاقيا إلخ، لكنه يوسّع مداركنا بشأن فطر القلوب وطرق تعاملنا معه وتجاوزنا لهذا المصاب الذي لا يكاد يسلم منه إنسان في حياته. كتاب قصير وقراءته تجربة نافعة ومفيدة وهو في أربعة فصول: هجرُ القلوب المفطورة، ألمُ القلب المفطور يطالُ الدماغ والجسد، أخطاء تجعلنا نرزح تحت ألمِ الفطر، جبر القلوب يبدأ من العقول. والكتاب مترجم إلى العربية بعنوان كيف تصلح قلبا مكسورا لمن يود قراءته بترجمة متعب الشمري، وصادر عن دار صفحة 7.
ملاحظات وتأملات من الكتاب:
– يعلم الجميع منا نوعين من وسائل الجبر الدعم الاجتماعي والزمن.
– أسباب تقود إلى فطر القلوب بعضها ليس في مجتمعاتنا مثل مواعدة الرجال، أو فقدان الحيوانات المنزلية.
– كيف يتعاطف الآخرون معنا ويشفقون علينا ويساندونا في محننا: تعاطف الآخرين لا يقوم على ما نشعر به من ألمٍ حقًا بل على ما يظنون أننا يجب أن نشعره، وهذا يولِّد فجوة بين ثقل الألم الحقيقي في صدورنا وبين حجم التعاطف الذي يمحضونا إياه وفي الغالب هو دون ثقل الألم وما يجب أن يناله من تعاطف.
– تصوَّر لنا أدمغتنا ما دام الألم العاطفي فظيع جدًا فلا بد أن تكون أسبابه بذات القدر من الحجم والفظاعة. وغالبا ما يجعلنا الرفض نبحث عن أسباب غير تلك التي يقدمها لنا الرافض، ويمنعنا من المضي قدما ويجعلنا نخسر التعاطف والتضامن من المقربين والأصدقاء، بل إن تكرار الأسئلة عن سبب الهجران ورفض الآخر يجعل الآخرين ينفرون منا. وتلعب دائرتنا المحيطة دورًا في تشافينا من فطر القلوب ومساعدتنا في سرعة التعافي.
– الحيوانات وفقدها: يلعب إحراجنا أو شعورنا بالخجل من إبداء مشاعرنا من فقدان حيواننا الأليف يضاعف من ألمنا ويُبطئ تعافينا.
– تقدير الذات يساعد من جبر القلب إذا كنا نثمّن قدر أنفسنا، وكلما بخسناها حقها طال أمد الألم وتباطأ جبر القلب.
– يؤدي استصغار المجتمع لألم الهجران وفطر القلوب، وتأثيره في عقولنا وأجسادنا وأدمغتنا، إلى قلة الفعاليّة والنشاط والإنتاج، وسبب الاستصغار عدم الفهم الكامل لتأثير فطر القلوب في أنفسنا وأجسادنا. وفهم ما يصيب الجسد من فطر القلوب هي الخطوة الأولى للتعافي والتجاوز والتعاطف أيضًا.
– تأثير الحب كالإدمان، فحين تُفطر قلوبنا بسبب نهاية حبّ رومانسيّ فإن أدمغتنا تستجيبُ للأمر استجابة مشابهة لاستجابة مدمن المخدرات حين يقلع عنها. نصبُّ جام تركيزنا على المرء الذي هجرنا أو فطرنا أو فقدناه ويؤثر هذا على عقولنا ونفسياتنا وكيفية أدائنا لوظائفنا الحياتية والحيويّة.
– الهجران في عالم مشبوك بالشبكة العنكبوتية: إن مراقبتنا لأولئك الذين هجرونا، وتتبع حياتهم وما ينشرون فيها، يجعل من المراقبة مهربًا من مواجهة مشاكلنا أو متابعة حياتنا على النحو السليم والمطلوب، لذا فعلينا التخلُّص من عادة المراقبة الرَقمية (السيبرانية)، وحذف كلِّ الحسابات الوهمية، وإلغاء المتابعة، وتقليل قنوات التواصل بالهاجِر إلى أقل عدد ممكن، وتضيق دائرة معارفه التي نرتبط بها حتى تقلِّ المعلومات التي تصل إلينا عبرهم.
– تشير بعض الدراسات إلى تأثير القلب المفطور (متلازمة القلب المفطور) في إضعاف فطر القلب لفعالية جهازنا المناعي وعمله.
– يقود الشعور بمسؤولية نهاية العلاقة، مع عدم معرفتنا ما فعلناه، إلى تفاقم البؤس ويسكبُ الوقود على نار الأسى، ومن أشكال هذا الشعور السعيُ المحموم والميؤوس بحثًا عن أجوبة لسؤال السبب عن الانفصال.
– التوقف عن لوم النفس وتقريعها فهو فعل لا حدَّ له، والتوقف عن إقناع أنفسنا بأنهم (الهاجرون) على صواب.
– أَمْثلة المرء الذي فطر قلوبنا وعدم أَمْثلته: إنَّ أمثلة المرء الذي فطر قلوبنا أو هجرنا واستعادة أفضل أحواله السلوكية فقط يفاقم من حجم خسارتنا وألمنا ويؤخر من تعافينا، وتتحول هذه الأَمْثلة إلى دائرة خبيثة تزيد من توقنا الذي يعزَّز من أَمْثلتنا له فيزداد توقنا وهكذا دواليك.
– إذا ما هجرنا الأماكن التي كانت تربطنا بمن فطر قلوبنا فهذا لا ينفعنا بشيء بل يفاقم الأمر ويؤخر التعافي وتصبح هذه الأمكنة نقاط ضعف تذكرنا بخسارتنا، والصحيح زيارة هذه الأماكن في أوقات وظروف متباينة وبناء علاقة جديدة معها وتواصلية مختلفة عن السابق بها.
– يُبطئ من تعافينا التمسُّك بما يُذكرنا بمن فطر قلوبنا. تلعب هذه المُذكِّرات دورًا قاسيًا في تذكيرنا الدائم بمن خسرنا لكن التخلص منها وإن بدا صعبًا وقاسيًا يساعدنا في التعافي وسرعته.
“لا يخبرك الكون بأنه نصفُك الآخر، بل يخبرك بما أخبرتَه أنتَ فقط. ليس للخوارزميات دور في ذلك إطلاقًا”.
– تحاول عقولنا إبقاء الجرح نازفٌ ولا يُنسى باستعادة الذكريات والصور وتركها تجول في رؤوسنا في غير وقتها ولا توقعنا.
– يجبر الزمن الفطر لكن ببطء وفعالية أقل. فرق كبير بين الرغبة في إيقاف الألم العاطفي، وبين قرارنا الحازم في إيقافه (الإرادة).
– الرأفة بالنفس: لمن الصعب تغيير عاداتنا السلوكية ولمن الأصعب تغيير عاداتنا الذهنية.
– ملء الفراغات التي يخلِّفها الآخرون في حياتنا وذواتنا.
– فن التأمل الواعي أو التأمل بذهن يقظ في مواجهة اترار الماضي. أي تأمل الحياة من حولنا على نحوٍ واعٍ ومُدركٍ وعدم السماح لأنفسنا أن تتقهقر إلى الماضي، ولا تنجرَّ خلف أفكار وذكريات تُجدد أحزاننا وتجعلنا عالقين بمن فقدنا وما خسرنا، فتؤثر سلبًا علينا وتعاطينا للحياة. واليقظة الذهنية ليست نمطًا من أنماط التأمل، بل هو نمطُ تفكيرٍ ووجودٍ نسلكه بأنفسنا في التركيز على عيش اللحظة الحاليَّة. ولا تعني اليقظة الذهنية تقليل اجترار الماضي وتقريع الذات بل تعمل على تقليل نشاطنا العاطفي وتقليل من حدِّة الأفكار والذكريات إذا ما انبثقت في أذهاننا مجددًا وجعلها أخفَّ وطأة.
– معرفة أنفسنا، وعلينا ألا نعرّف ذواتنا بقرنِ أنفسنا بمن هجرنا أو فطرنا أو فقدناه، لأننا في العادة نستمر في تعريف أنفسنا بنحوٍ غير واعٍ وفقًا لعلاقتنا القديمة متناسين أنها علاقةً مُنتهية.
– الكشف عما يعتلج في صدورنا من ألم فطر القلوب والفقد والهجران وعدم التعالي والتجلِّد المفرِط الذي يعودَّ بالضرر علينا سواء حياتيًا أو جسديا أو نفسيًا.
– التعافي قرارٌ وحزمٌ على المضي قدما:
* فهم آلية عمل عقلنا ومقاومته للتغيير.
* محاربة النزعة الإدمانية للمحافظة على ما خسرنا.
* تقدير ذواتنا بالشفقة على أنفسنا.
* ممارسة اليقظة الذهنية لمحاربة أفكارنا الهوسيّة بما خسرنا.
* معرفة الفراغات التي خُلِّفت فينا وملأها بالجديد.
* تجديد الاتصال بذواتنا وكينونتنا للعودة إلى المسار الصحيح.