إنَّ أساطير آلهة السومريين أقدمُ الأساطير البشريّة عن الآلهة وعوالمها ومهامها وسلطاتها ودرجاتها، وخُصَّتْ كلُّ مدينة من مدن سومر القديمة منذ الألف الرابع قبل الميلاد بآلهة بعينها، كان لها معابدها وطقوسها والقيِّمون بأمرها من كهنة وكاهنات وما دون ذلك. بقيت هذه الآلهة بعد اندثار السومريين كيانًا سياسيًا قائمًا بذاته، وتوارثها الأكديون والبابليون والآشوريون، فتغيَّرت أسماءُ بعضها أو تعدَّدت، وعُدِّل في مهام أخرى، وتقدَّمتْ آلهة وتراجعتْ أخرى.
كما كثرتُ النصوص عنها من ملاحم وترانيم ورقى، وما فرضته هذه الكثرة من تباين الاسم ونطقه، وتغيُّر العلاقة بين إله وآخر، أو إله وقرينته، وتأتَّى عن كل هذه وفرة معلومات تجعل من المحال تحديد مجمعٍ ثابت لهذه الآلهة. وفي المخطط أدناه مجمع الآلهة السومريّة وفقَ الغالب من العلاقات الواردة بين الآلهة في النصوص السومريّة.
أهم شخصيات آلهة سومر:
أنكي (إيا الاسم الأكدي/ البابلي): إله المياه السفلية والذكاء والخلق ومهارة الصنع. وهو من يملأ دجلة والفرات بمنيه، الماء.
نينماخ: قرينة أنكي، السيدة فائقة السمو.
نينخورساج: قرينة أنكي، معنى اسمها سيدة الجبل، وقرينة إنليل إيضًا.
إيسمود: حاجب أنكي.
إنليل: سيد مجمع الآلهة، وهو إله الهواء.
ننليل: قرينة إنليل.
نينورتا: ابن إنليل وننليل، وأحد أبطال الآلهة.
نوسكا: خادم إنليل.
آن (آنو الأكدي/ بابلي): إله السماء.
آنتو: قرينة آن
سين أو نانا أو نانا-سين: ابن إنليل وإله القمر.
أوتو (شمش): إله الشمس.
إنانا (عشتار بالأكدية والبابلية): ابنة إله القمر نانا وأمها نينغال (السيدة العظيمة.)
نرغال: ابن إنليل وسيد العالم السفلي بزواجه إريشكيغال ملكة العالم السفلي.
أدد أو هدد: إله العواصف والأمطار.
نيسابا: إلهة الكتابة والقمح.
دموزي الراعي: إله وزوج إنانا، ويرد اسمه في ثبت الملوك السومريّين.
أنونّا، أنوناكي، أنوناكو: آلهة العالم السفلي.
إيجيجي: آلهة السماء. (يختلف تقسيم هؤلاء الآلهة مع الأنوناكي ما بين السماء والأرض).
مردوخ (البابلي): تسيّدَ مردوخ في أساطير البابليين مجمع الآلهة وكان هو الحاكم فيهم والمتسيّد عليهم.
آلهة ثانويّة:
أمورو: إله السهوب.
نينسار: ابنة أنكي من نينخورساج وسيدة الخضار والأعشاب المأكولة.
نينكورا: ابنة أنكي من نينسار سيدة النباتات ذات الألياف.
أوتّو: ابنة أنكي من نينكورا إلهة النسيج.
آرورو: أخت إنليل وإلهة الولادة.
ننكاسي: إلهة الجِعة.
أهم معابد الآلهة:
إيانا/ بيت السماء: معبد آنو في أوروك.
الإيكور/ بيت الجبل: معبد إنليل في نفّر.
الأسبو: معبد أنكي في أريدو.
إيساجيل: معبد مردوخ في بابل.
إشوميشا: معبد نينورتا في نفّر.
*
يقدم صمويل كريمر في كتاب “الأساطير السومريّة The Sumerian Mythology”، وفقًا لبعض القصائد السومريّة عن نشأة الكون وبدء الخلق، ترتيبًا للمفاهيم الكونيّة السومريّة والعلاقات بين الآلهة، فيقول:
1- كانت في البدء الإلهة نامّو، مُجسِّدة البحر البدئي.
2- أنجبت الآلهة نامّو الإلهَ آن، إله-السماء الذكر، وكي إلهة-الأرض الأنثى.
3- ولَّدَ اقتران آن وكي إلهَ-الهواء إنليل، وفصلَ إنليلُ الأبَ-السماء آن عن الأمِّ-الأرض كي.
4- ألفى إنليل، إله-الهواء، نفسه يعيش في الظلام الدامس، وكوَّن بالسماء، التي حسبَ السومريون أنَّها مصنوعة من قطعة من اللازورد الحالك، سقفَ بيته وجدرانه، وجعلَ من سطح الأرض أرضيَّة بيته. ثم أنجبَ إله-القمر نانا لينير ظلمةَ بيته. ثم أنجبَ إلهُ-القمر نانا إلهَ-الشمس أوتو، فصار أشدَّ ضياءً من أبيه.
لا يسعنا الإغفال هاهنا عن فكرة أنَّ الابن، المولود، يصبحُ أقوى من أبيه، الوالد، وبتفكُّرٍ عميقٍ فإنَّ هذا حقًا ما يحدث في الارتقاء الذي سمَّيناه التطوُّر، وهو أصيلُ في الفكر الفلسفيّ والنفسيّ في الشرق الأدنى. وعلى سبيل المثال يصبح إنليل، إله-الهواء، في حقب تاريخية أقوى من أبيه آن، إله-السماء، وفي حقبة لاحقة يصبح مردوخ، الإله البابليّ الساميّ، أقوى من أبيه أنكي، إله-الماء. وفي المعتقد المسيحيّ فإن المسيح، الابن، يصبح من وجوهٍ متعددة أكثر أهميةً وسدادًا للإنسان وخلاصه من الرب، الأب.
5- يقترن إنليل، إله-الهواء، بأمه كي، إلهة-الأرض، وتنتجُ عن هذا الاقتران، بمعونة لا غنى عنها من أنكي، إله-الماء، حياة النبات والحيوان في الأرض. أما الإنسان فيتَّضح أنه صنيعة الجهود المتضافرة للإلهةِ نامّو، البحر البدئي، والإلهةِ ننماخ، ومن الممكن أنَّها حُدِّدت بقدرة على صياغة استنتاجات سديدة وتشكيلها اعتمادًا على معطيات ملحوظة.
بناءً على التفسير المنطقي الآنف الذكر، فيمكن تلخيص المفاهيم السومريّة الكونية كما يلي:
1- في البدء كان البحر البدئي، ومن غير المستبعد أن يعتقد السومريون بأنَّه كان أزليًا وغير مخلوق.
2- ولَّد البحرُ البدئي السماء والأرض في وَحْدةً مُتحدة. [في القرآن السماوات والأرض “كانتا رتقًا ففتقناهما” أي كان متصلين ملتصقين ففصلهما الله عز وجل].
3- صُوِّرت السماء والأرض بأنهما عنصران صلدان. ومنهما وفيهما جاء العنصر الغازيّ الهواء، وهي السمة الرئيسة لذاك التمدد. فُصلت السماء عن الأرض بعنصر الهواء المتمدد.
4- نجح الهواء، لكونه أخفَّ وأقلَّ كثافة من السماء والأرض، في توليد القمر، واعتقد السومريون أنَّ القمر مصنوع من مادة الهواء نفسها. كما اعتقدوا أنَّ الشمس مولودةُ القمر، وأنها انبثقت وتطوَّرت من القمر (تماما مثل حال كي، الأم-الأرض)، وفي الختام من أنكي إله-القمر. هذا ما تضمَّنه هذا المزيج الدقيق، وبين يدينا كلُّ الأسباب للاعتقاد بأنَّ الفكر القائمَ على المعطيات الظاهريّة -قلَّت أو كثرت- في تلك الأزمان- منطقيٌّ بما فيه الكفاية، وليس عبثًا خياليًّا محضًا، ولمن العسير علينا الإحاطة به وفقًا لمادتنا المعاصرة وفَهمنا المحدود.
