النقد الأدبي

أنواع الروايات

يوجد الكثير من الأنواع الروائية، والتي تُصنف حسب مواضيعها أو السمات السردية والأسلوبية واللغوية أو التيار الذي تأثرت به الرواية، ومنها: 

 الرواية الرومنطيقية: هي الرواية التي يدور موضوعها حول المشاعر والأحاسيس الإنسانية، حيث تتحرر النفس البشرية من القيود العقلية التي فرضتها الكلاسيكية وترك الحرية للنفس البشرية للتعبير عن سجيتها وما ترغب به دون معوقات، وهي لا تعني ترك العقل بل أن يكون العقل شريكا للعاطفة والمشاعر والأحاسيس، وانتشر التيار الرومنطيقي في نهايات القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. وكلمة Romance في الإنجليزية تعني رواية أو قصة حب. ومن الروايات الرومنطيقية البؤساء لفيكتور هوجو ورواية آلام فرتر. 

الرواية الفروسية:  هي نوع أدبي نثري روائي ينتمي إلى جنس الرومانس الأوروبي، تدور حول الفرسان ومآثر الفروسية، ظهرت في إسبانيا والبرتغال في القرون الوسطى حتى القرن السابع عشر الذي بدأت فيه تفقد شعبيتها، ومن أشهر الروايات التي تتناول مواضيع الفروسية وتنقدها كذلك رواية دون كيخوته للإسباني سرفانتس. 

رواية التشرد: هي نقيض رواية الفروسية، بطلها مغامر من أصول وضيعة يحكي قصته وتقلباته بواقعية وأحيانا بحس من الفكاهة من دون أن يدعي الضمير أو الأخلاقية. ويشكل هذا البطل في الحقيقة نموذجا مضادا للبطل التقليدي، ويكون عادة مدفوعا بالجوع والفقر فيسعى إلى الوصول بشتى السبل والحيل في مجتمع لا يوفر له سوى مكانة هامشية1. ويعيش بطل الرواية فيها سلسلة من المغامرات ويلتقي بشخصيات في جديدة كل مرة. 

الرواية التاريخية: رواية تستخدم أحداث التاريخ وشخصياته خلفية لها وتُمزج معها أحداث وشخصيات من صنع الخيال. تحاول هذه الرواية أن تبدو مطابقة للواقع وعامة ما يستعين الكاتب لوضعها بكم كبير من المراجع التاريخية2. ومن الروايات التاريخية الحرب والسلم لتولستوي وأرض السواد لعبد الرحمن منيف.

الرواية التراسلية: جنس أدبي تتألف فيه الروايات من مجموعة مراسلات بين شخصياتها التي تصير كل واحدة بدورها راوية للأحداث الدائرة في الحكاية. ولد هذا الجنس الروائي في القرن السابع عشر، وظل مرغوبا فيه بشدة حتى القرن الثامن عشر. وفي القرن الحادي والعشرين تولدت منه تنويعة هي رواية البريد الإلكتروني3. ومن الروايات التراسلية رواية باميلا لريتشاردسون والفقراء لدوستويفسكي.  

الرواية الإيروتيكية: هي شكل من أشكال التحرر الفكري ينحرف ليصير انحلالا أخلاقيا وسعيا محموما وأنانيا وراء المتعة. تعطي هذه الرواية صورة عن الحياة الاجتماعية وتجعلها تبدو بمثابة لعبة قد يستغفل فيها المرء ما لم يكن عالما بأحابيلها. أما المرأة فتصور على شكل فريسة لا بد لها أن تقع في شباك الصياد4. 

الرواية الريفية: هي الرواية التي تصف حياة الفلاحين والمناطق الريفية وتقدم عنها صورة تسعى إلى أن تفيها حقها بها. تواجه هذه الرواية مشكلة أساسية على مستوى اللغة المكتوبة التي إذا ما أرادت أن تحاكي لغة الفلاحين صارت غير مفهومة. لذا فهي تلجأ إلى نوع من “ترجمة” خفية مع الإبقاء على الطابع الكلامي الفلاحي5.

رواية التكوين: هي الرواية التي يدور موضوعها الرئيس حول مرافقة البطل طيلة سنوات تكوينه واكتشافه الحياة من زمن شبابه وحتى يبلغ سن الرجولة والنضج. كثيرا ما تصف بطلا ساذجا وبريئا خلال رحلة اكتشافه الحب والكراهية والمرض والموت، فيكتسب منها دروسا تساعده على النضج6. من روايات التكوين رباعية جون فانتي (انتظر حتى الربيع يا بانديني، الطريق إلى لوس أنجلوس، اسأل الغبار، أحلام من بنكر هيل)، ورواية سنوات تعليم فلهلم مايستر لغوته. 

رواية العادات: هي الرواية التي تدرس طريقة حياة وعادات وتقاليد مجتمع معين أو مجموعة اجتماعية أو أيضا حقبة زمنية7. 

رواية فقه اللغة: هي رواية مبنية حول فكرة تتعلق باللغة. وتتصل هذه الفكرة الروائية بنحوٍ وثيق بالمخيال اللغوي الخاص بكل كاتب أو روائي ليجيء صوغها معبرا عن المخيال في علاقته مع تطور اللغة واستعمالاتها الاجتماعية8. 

رواية نهر: هي الرواية المؤلفة من عدد كبير من المجلدات، كثيرا ما يفوق عشرة مجلدات، تدور حكاياتها حول الشخصيات ذاتها وتشكل تعليقا على مجتمع ما أو حقبة تاريخية معينة9.

رواية القضية: هي رواية تحمل رسالة سياسية أو اجتماعية تركز على قضية أو مسألة مبرزة الواقع على ضحاياها وقد تقدم أيضا الحل الذي تراه مناسبا10 -لكن ليس دائما-. مثل روايات فرانز كافكا. 

الرواية التشردية: هي رواية يعيش فيها البطل متشردا وسلسلة من المغامرات ويلتقي بشخصيات جديدة في كل مرة، ويناقض البطل فيها البطل التقليدي وهي أيضا مناقضة لرواية الفروسية11. 

الرواية الحديثة: هي الرواية التي بدأت مع الكاتب الأمريكي هنري جيمس في نهاية القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، والتي امتازت بالتحرر من القيود والتعقيدات والنظرة التقليدية التي كانت سمة الرواية في نهايات القرن التاسع، من خلال تنويع الأساليب الروائية والنظرة التجديدية للواقع في خضم تطوره، والتعامل بطريقة مختلفة مع عنصري الزمان والمكان، والثورة على الراوي العليم كلي المعرفة، والتغيير في مفهوم الحبكة إذ أضحت الحبكة لا تعني التغيير بل عدم التأثر بالمحيط الخارجي والمحافظة على مبادئها والتمرد على هذا العالم واختفاء شخصية البطل وظهور ما يسمى ضديد البطل. ومن الروائيين الحداثيين، جيمس جويس، وولف، وهمنغواي، وفوكنر، د.ه. لورانس، وغيرهم الكثير. 

رواية تيار الوعي: هي نوع من الروايات التي ظهرت ضمن تيار الحداثة في أوائل القرن العشرين على يد روائيين كجيمس جويس، وفرجينيا وولف، وأساس هذه الروايات هو سرد وعي الشخصيات معتمدا على أساليب وتقنيات مختلفة كالتداعي الحر الذي يعتمد على الذاكرة والحواس والذاكرة، والمونولوجات الداخلية في تقديم الحالات الذهنية والفكرية للشخصيات، واستخدام تقنيات لغوية خاصة في وصف التدفق التلقائي للأفكار والجمل التي تجري في ذهن الشخصية. 

رواية ما بعد الحداثة: هي الرواية التي جاءت لتنسف الأسس التي قامت عليها الرواية الحديثة، من خلال تجريب شيء جديد، كاللا حبكة، والتأكيد على لا إنسانية البطل -شخصية خيالية-، وإدخال مواضيع كالفانتازيا واللا واقعية، والمحاكاة الساخرة، واستخدام ما وراء النص (Metafiction)، فتبدو تدخلات الكاتب واضحة مما يعطي القارئ انطباع إن ما يقرأه هو مجرد عمل تخييلي. ومن روائي ما بعد الحداثة صمويل بيكت، وأمبرتو إيكو، وموراكامي، وغيرهم الكثير. 

رواية ما بعد الكولونيالية: هي الرواية التي يدور موضوعها عن حياة الأمم بعد التحرر من الاحتلالات والاستعمار، والعودة للالتفات حول الذات والتركيز على أحقيتهم في الحياة دون تدخلات خارجية، وكذلك تكشف عن حقيقة الصراع ما بين المستَعمِر وأبناء البلد وتأثيرات الاستعمار بعد خروجه ومن كتب بهذه الرواية سلمان رشدي، نايبول، وتشينو إتشيبي. 

____

حاشية على مصطلح ما بعد الكولونيالية: 

رواية ما بعد الكولونيالية أو رواية ما بعد الاستقلال، وأنا أقرأ عن مصطلح رواية ما بعد كولونيالية، والتي اعترض البعض سابقا على تسميتها الرواية الكومنويلثية لاقترانه بالامبراطورية البريطانية، ولم تحتفِ بتوصيفها الوحيد المشروع والمشخّص له إلا بعد ما وصفت بـ (ما بعد الكولونيالي Postcolonial) كما يذكر ماتز في نهاية الفصل السادس من كتابه تطور الرواية الحديثة- أجد أن تسمية الرواية في حقبة ما بعد الكولونيالية، نوع من الإمبريالية الثقافية التي تعمل على إبقاء هيمنة دول الاحتلال على الدول التي كانت تحتلها، لكن هذه المرة بدل الوجود العسكري، فتعمل على تأطير وإحاطة الثقافة والأدب في مصطلح تابع للاحتلال، وكأن الاحتلال بوجوده أو عدمه، له أهمية وفائدة ولا يجب الخروج عنه، وهذا الأمر الذي يتنافى مع روح الحضارة وتقبل الآخر، ويتنافى أيضا مع روايات (ما بعد الكولونيالية) التي تعمل على تشكيل وتكوين وبلورة أسسها الثقافية والأدبية الخاصة والكتابة عن ذاتها بعيدا عن تداعيات الاحتلالات ومساوئها، وعد حقبة الاحتلال مرحلة فاصلة لا من إهميتها في تغيير مسار أمة من الأمم، بل في إعادة التجمع حول ذاتها واحتضان مبادئها وثقافتها وتراثها وفلكلورها وحضارتها، إضافة إلى ذلك فتسمية ما بعد الكولونيالية، أراها تزويقا مجوفا ونقحرة من المترجمين فالواجب تسميتها رواية ما بعد الاستعمار وإبقائها في معناها الأصلي دون نقحرة لكلمة Colonialism، وخاصة أن كلمة استعمار تفي بالمعنى المطلوب تماما دون نقصان. لكن يبقى السؤال ما المصطلح الذي يجب استخدامه لهذا النوع من الروايات؟ لا أفضل من استخدام مصطلح يوفي الشعوب حقها ويعطي للروايات أبعادها الجوهرية الواضحة والمستحقة والحقيقية، وهذا المصطلح هو Post – Independence Novel روايات ما بعد الاستقلال -وهو ذات الاسم الذي يُستخدمه البعض في وصف رواية ما بعد الاستقلال الهندية الإنجليزية التي تحاكي حقبة ما بعد الاستقلال Post – independence Indian English Fiction-، لما في كلمة استقلال من معاني الحرية والذاتية والتحرر من ظلم وانزياح أثقال جثمت على صدر حياة هذه البلدان.

الرواية التقنية: هي إحدى الروايات المعاصرة التي تدور موضوعاتها حول التطور التكنولوجي وتأثيراته في الحياة، ومن ضمن مواضيعها أيضا التأثير الذي جلبته مواقع التواصل الاجتماعي في حياة الأفراد والمجتمعات.

الرواية الرقمية: هي رواية تدخل فيها التقنية الرقمية الحديثة في بناء الجسد الروائي من خلال استخدام تقنية الروابط التشعبية ألـ Hypertext links، وتقسم إلى ثلاثة أنواع: رواية الروابط التشعبية، والرواية التفاعلية التي يشترك في كتابتها أكثر من كاتب، وقد يشترك الكاتب في تحديد مسار الرواية، والقسم الأخير هي الرواية الواقعية الرقمية، وهي تستخدم التقنية الرقمية في التعبير عن التقنية في حياتنا، وظهرت هذه الراوية في نهايات القرن العشرين.

الرواية الوثائقية: هي الرواية التي تأخذ نمطا توثيقيا لأحداث ما أو قضية معينة، إذ تتبع الأسلوب الاستقصائي التحقيقي والتوثيقي من خلال سرد الأدلة والشهادات وتعليقات  لشهود العيان، وأشهر من كتب بهذا الأسلوب البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش في رواياتها (صلاة تشرنوبل ورباعيتها “ليس للحرب وجه أنثوي، فتيان الزنك، آخر الشهود، زمن مستعمل”) التي رشحتها ونالت بفضلها جائزة نوبل للأدب سنة 2015.  

رواية الخيال العلمي: هي رواية تدور أحداثها في بيئة وأجواء وظروف خاصة من أجل هدف علمي، كاستكشاف الفضاء أو مواجهة أمراض جديدة أو قد تكون حول التطور التقني والتكنولوجي الحديث، والاستعانة بكل التقنيات الأدبية والفرضيات والنظريات العلمية والفلسفية في كتابتها. ومن روايات الخيال العلمي رواية المريخي لآندي وير.

رواية الفانتازيا: هي الرواية التي تدور أحداثها في عالم خيالي لا يمت للواقع بصله، وقد تمتاز شخصياتها بصفات خارقة وغير واقعية. ومن أهم روايات الفانتازيا ثلاثية سيد الخواتم لجون رونالد توكلين، وسلسلة هاري بوتر لجي. جي. رولينغ، وسلسلة عالم نارينا لـسي. إس. لويس، وأغنية الجليد والنار  لـ آر. آر. مارتن. 

الرواية السياسية: هي الرواية التي يكون موضوعها سياسيا سواء كان قضايا وأزمات سياسية أو تدور حول خبايا في حياة بعض السياسيين والزعماء كاشفة أسرارهم أو تستمد من أفكار الأحزاب والعلاقة بين الحاكم والمحكوم وكذلك الصراعات الأيدلوجية والمذاهب السياسة الشيوعية والرأسمالية مادةً لها. ومن الروايات السياسية رواية الأم لمكسيم غوركي، ورواية الدون الهادئ (خمسة أجزاء) لشولوخوف، ورواية وداعا للسلاح ولمن تقرع الأجراس لهمنغواي، وعالم صدام حسين لمهدي حيدر.  

رواية أدب السجون: هي الرواية التي تدور أحداثها في السجون وتصور ما يعانيه السجناء من عذابات السجن النفسية وما يقاسوه تحت يد الجلاد والسجّان، وهي غالبا ما تكون روايات ذات طابع سياسي، ومن الروايات التي تتناول السجون في الأدب العربي، رواية شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف، وروايات أيمن العتوم. 

رواية الجريمة: وهي الرواية التي تدور أحداثها حول حدوث جريمة ما، ويسعى البطل والذي غالبا ما يكون المحقق في التحري والبحث في خيوط الجريمة من أجل كشف ملابسات القضية وحلّها والقبض على المجرم، ومن روايات الجريمة، مغامرات شارلوك هولمز لكونان دويل، وروايات أجاثا كريستي.

رواية التعددية الثقافية: وهي من الروايات الحديثة والمعاصرة، والتي تركز على الأقليات في المجتمع، من أجل تسليط الضوء عليهم، وتأكيد روح التسامح وتقبل الآخر في المجتمعات الإنسانية، وهي من المواضيع الرائجة اليوم في عالم الرواية. 

رواية أدب البحار: وهي الرواية التي تدور أحداثها في البحر، وتركز على موضوع صراع الإنسان والطبيعة، وتصور حياة البحارة، ومن روايات أدب البحار، رواية الشيخ والبحر لهيمنغواي والتي رشحته لينال نوبل للآداب، ورواية موبي ديك لهيرمان ميلفل والتي صورت صراع الكابتن آهاب مع الحوت ووصفت بأنها أعظم ما كتب في أدب البحار.

رواية الديستوبيا: وهي الرواية التي تدور في عالم تسوده الفوضى والخراب واللا قانون والديستوبيا عكس اليوتوبيا المدينة الفاضلة التي تكلم عنها أفلاطون، وغالبا ما تكون رواية الديستوبيا روايات ذات طابع وأغراض سياسية ومن روايات الديستويبا، رواية 1984 لجورج أوريول، ورواية نحن ليفغيني زامياتنين، ورواية البرتقالة الآلية لأنتوني برجس. 

الرواية السوداوية: هي الرواية التي تأخذ طابع الحزن والكآبة والنظرة السلبية للحياة، وتدور أحداثها حول شخصيات أو وقائع مليئة بالتعاسة، والحزن القهري والوحشة والتي تثير في نفس القارئ كافة المشاعر الشجية والأسى والغم والهم. ومن الروايات ذات الطابع السوداوي روايات الكاتب العراقي حسن بلاسم. 

الرواية القوطية: هي الرواية التي تأخذ طابع الرعب والغموض والإثارة واللعب على وتر الخوف لدى القارئ، وبدأ هذا النوع من الروايات مع الكاتب الإنجليزي هوراسي والبول وروايته قلعة أوترانتو، ويعود اسم الرواية القوطية إلى الفن المعماري القوطي الذي شاع في القرون الوسطى في أوروبا، وامتاز بعد سمات خاصة كنحت الأجساد البشرية والحيوانية والشيطانية على جدران الأبنية وبناء الأبراج التي ترتفع عن بقية سطح المبنى. 

_____

1-11 كتاب فكر اللغة الروائي ص 433

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى