التراث الأدبيالتراث العالمي

ملخص ملحمة آل فولسونغ 

 أقدم في هذه المادة ملخص أهم أحداث الملحمة الآيسلندية النثرية آل فولسونغ. تتناول هذه الملحمة حياة ستة أجيال لسلالة آل فولسونغ منذ الجد الأعلى سيغي انتهاءً بجيل أبناء سيغورد، البطل الأسطوريّ الملقب بقاتل التنين. 

*

مخطط لأهم شخصيات الملحمة

 

تبدأ الملحمة بخبر سيغي وقتله لبرادي تابع رجل اسمه سكادي فيُنفى في أرضٍ لا يخرج منها إلا بمساعدة الإله أودين ذي العين الواحدة (يُقال إن سيغي ابن أودين). يبدأ بعدها بمساعدة جيش والده بالغزوات ويصبح ملكًا عظيما ويتزوج ويُنجب ريرير. 

يخلف ريرير والده لكنه لا يُنجب ذريّة فيرسل أودين إحدى مقاتلاته، ابنة العملاق هريمنير، وأعطاها تفاحة وأمرها أن توصلها إليه فذهبت إليه في هيئة غراب ورمتها عليه ثم أكلها، فكان له ما أراد وأنجب ابنه فولسونغ الذي بقيت أمه الملكة حاملًا به ست سنوات. فشُقَّت بطنها واستُخرجَ الولد منها صبيًا (ولدَ بهذه الطريقة رستم الفارسي لكن مدة حمل أمه كانت طبيعية. اقرأ ولادة رستم في الشاهنامه).

عندما بلغ فولسونغ أرسل إليه هريمنير ابنته هاليود فتزوجها فولسونغ، وأنجب منها عشرة أبناء وبنت هي سيغني، وأكبرهم سغموند.

طلب الملكُ سيغيير يد سيغني، وفي ليلة الزواج دخلَ رجلٌ غريب، أشيب ذو عين الواحدة (في الغالب أودين) حافي القدمين لا يعرفه أحد مرتديًا عباءة بقلنسوة تغطي وجهه، إيوانَ فولسونغ حيث كان يحتفل الرجال، وغرس سيفًا في جذع شجرة بارنستوك، وقال من يسحب السيف سيأخذه هدية مني، فلم يستطع أحد فعلها سوى سغموند. (اقرأ دخول مقاطع الفارس الأخضر في قصيدة “السيد غُوَيْن والفارس الأخضر”. وانظر قصة السيف الأسطوري Excalibur Sword في أسطورة الملك آرثر).  وحين طلب السيف منه الملك سيغيير رفضَ سغموند طلبه، فحسبها الملكُ إهانة لكن أسرَّها في نفسه وقرر الانتقام فغادر في اليوم الثاني عائدًا رفقة زوجته ورجاله إلى بلاده، أرض القوط، ودعا فولسونغ القدوم إلى أرضه ووعده الأخير بهذا.   

سافر فولسونغ وأبناؤه إلى بلاد القوط، ولم يستجب لتحذير ابنته، حين أخبرته بخطة سيغيير للانتقام، رافضًا أن يرجع عن كلمته ويحنث بوعده فقُتل في المعركة وأُسرَ أبناؤه العشرة. وبطلبٍ من سيغني لم يقتلهم الملكُ من ساعته بل قيَّدهم في جذع شجرة، وأتت في كل ليلة ساحرة في هيئة ذئبة وأكلتهم واحدًا تلو الآخر حتى بقي الأخير سغموند الذي دُهنَ وجهه بالعسل بطلب من سيغني، وحين لعقت الذئبة وجهه استطاع سغموند عض لسانها فاهتزَّت وتحركت محطة الجذع، وهكذا قتل سغموند الذئب واقتلع لسانها من أصوله والنجاة، ثم هرب وعاشَ زمنًا في مسكن تحت الأرض. (قيل إن الذئب أم سيغيير).

أرسلت سيغني ابنيها من الملكِ سيغيير لمرافقة سغموند واحدًا تلو الآخر وحين رأى جبنهما أعادهما إلى أمهما فطلبت منه قتلهما لجبنهما فقتلهما. ثم تبادلت مع ساحرة هيئتها وذهبت إلى مستقر أخيها ونامت معه، وأنجبت منه ابنًا هو سنفيوتلي. أرسلت سيغني ابنها إلى أخيها ليرافقه بعد أن أثبتَ شجاعته لأنّ دماء الفولسونغيِّين تجري في عروقه، وقضى معه زمنا في المغامرات في الغابة قبل أن يقررا الانتقام لموت فولسونغ على يد سيغيير. وكان لهما ذلك بعد أن أحرقا إيوان الملكِ بمن فيه واختارت سيغني الموتَ مع زوجها بعد أن أخبرت سغموند بأنه سنفيوتلي ابنهما. 

تزوج الملكُ سغموند بورغهيلد، وأنجب منها هيلغي وهاموند. ثم تزوج هيلغي سيغرُن. عاش هوغني ملكًا مجيدًا وانتهى خبره في الملحمة. 

كان سنفيوتلي هو الآخر بطلًا ضرغامًا وقتلَ في إحدى المنافسات أخَ بورغهيلد، زوجة خاله/ أبيه، فكنَّت له حقدًا وكرهًا وقررت الانتقام منه، ووضعت له السم في قرن الشراب، فرأى سنفيوتلي السمَّ في الشراب فامنتع عن شربه، فأخذه سغموند فشربه وكان من القوة فلا يتأثر جسده بالسم، وأعادت الكرة وحدث مثل سابقتها، وفي الثالثة طلب منه سغموند أن يشربه وسيصفي شاربُه السمَّ فشرب وحلَّت نهايته، فنفى سغموند زوجته التي ماتت بعد برهة واستمر في حكم مملكته. 

تزوج بعدها سغموند هيورديس ابنة الملكِ إيليمي. وتحضر الملكُ لينغفي وإخوته لقتال سغموند لعدائهم له وجمعوا جيشًا جرارًا، ونشبت بين الجيشين معركة شهدت مصرع سغموند وحماه الملكِ إيليمي، لكن سغموند كان قد حبَّل زوجته قبل موته، وكُسر سيفه في المعركة إلى نصفين، وطلب من هيووديس وهو مطروح في أرض المعركة أن تحفظه جيدًا لأن ابنهما سيحمله مستقبلا وسيكون اسم السيف غَرَام. (أول النبوءات في الملحمة).

تتزوج هيورديسُ الملكَ آلف ابن ملكِ الدنمارك هيالبريك، ثم تلد ابنها الذي سُميَ سيغورد وتربَّى في حجر أبي زوجِ أمه، الملكِ هيالبريك. نشأ سيغورد بطلا شجاعا وفارسا مقدامًا لا نظير له ولا يُشق له غبار، وكان ريغن ابن هريدمار مُربِّيه ومعلمه ومدربه.    

يطلب سيغورد من الملك هيالبريك الحصول على فرس، فقصد الغابة ليأخذ فرسه فيعترضه طريقه رجل مسن (أودين) ويرشده إلى نهر بوسيلتيورن ليختار فرسا من نسل سليبنير (حصان أودين ذو الثماني أعين)، ويختار سيغورد فرسا أسماه “غراني”. 

يحدث ريغن بعدها سيغورد عن كنز الثعبان فافنر وقصته، التي يذكرها سنوري في كتابه والمعروفة بـ “دية القضاعة”. ومختصر القصة أن لوكي يقَتَلُ، في رحلة مع أودين وهوينير، أخَ ريغن الذي يشبه القضاعة (ثعلب الماء) أثناء اصطياده سمك السلمون، ثم يمضي الآلهة الثلاثة في طريقهم حتى يصلوا إلى منزل والد القضاعة، هريدمار، ويطلبون منه السكنى ليلةً فيرى ابنه مقتولا معهم فيطلب منهم دية ذهبًا يغطي جلد القضاعة بعد فرشه على الأرض. يذهب لوكي بأمر أودين إلى الشلال حيث اصطاد القضاعة ويمسك بالقزم أندفاري ويسلبه ذهبه سوى خاتم ذهبي احتفظ به القزم، فأرغمه لوكي على إعطائه لكن القزم أخبره أن كل من يحوز الخاتم ستحل به مصيبة الموت. سُمي الخاتم أندفارانوت Andvaranaut (هبة أندفاري). حين جلب لوكي الذهب ورأى أودين الخاتم أراد الاستئثار به لنفسه، وحين وضع الذهب على جلد القضاعة بقيَ موضع لم يملأه الذهب فطالب به هريدمار، وأجبرَ أودين على منح الخاتم. فلما تمَّ له هذا اختلف ابنه فافنر معه حول الذهب وقتله واستأثرَ بالكنز لنفسه وحوّل نفسه إلى ثعبان شرير، وانطلقَ إلى بَراحِ غنيتا استقرَّ فيها، وجرمزَ على الكنز، في حين هرب ريغن ليعمل حدادا عند الملك هاليبريك. 

يطلب سيغورد من ريغن أن يصنع له سيفًا ليفعل به المعجزات ويحقق البطولات، وافق ريغن على شرط أن يقتل فافنر، وفي كل مرة يصنع له سيفًا يجربه سيغورد بضربه السندان فينسكر السيف، ولا يعجب سيغورد ذاك حتى يُخبره ريغن عن قصة سيف أبيه سغموند، غرام، فيذهب إلى أمه ويطلب منها أن تمنحه السيف المكسور فيعود به إلى ريغن ليلحمَ جزئي السيف، ويعود كما كان قويًا ويضرب به السندان فيشطره. ثم يطلب منه ريغن أن يبرَّ بوعده ويذهب لقتل الثعبان فافنر. لكن سيغورد رغبَ بالانتقام لوالده أولًا. 

يثأر سيغورد لمقتل أبيه من لينغفي وأبناء هوندينغ الآخرين. وتمَّ له ذلك بمعونة جيش أهل زوجِ أمه. ثم يعود سيغورد إلى ريغن وينطلق معه إلى بَراحِ غنيتا حيث الثعبان فافنر، وحين يرى الاثنان فافنر قادمًا يفر ريغن ويحفر حفرةً ويمكث فيها منتظر قدوم فافنر لكن يظهر له رجل (أودين مرة أخرى)، ويشير عليه بحفر سبع حفر في الأرض ويمكث في إحداها ويضرب قلب الثعبان الزاحف. فعل سيغورد هذا وضرب قلب الثعبان، ثم جرت بينه وبين فافنر المحتضر محاورةً أخفى في أولها حقيقته وقال ’عشيرتي مجهولة، واسمي الوحشُ النبيل، لا أبَ لي ولا أم، وجِلْتُ الأرض وَحدي‘ (اقرأ حوار أوديسيوس وبوليفيموس في الأوديسة). لكن فافنر لا يصدقه فيخبره سيغورد بحقيقة هويته وابن من هو. ويطلب منه فافنر ألا يأخذ الكنز لأنه سيجلب موته، لكن سيغورد يرد عليه لو علمت نفسي مخلدًا لا أموت لما أخذته لكن كل شجاع يطمح إلى الثراء حتى أجله المحتوم.  

يطلبُ ريغن من سيغورد أن يشوي قلب فافنر وحين كان سيغورد يشويه مسَّه بإصبعه ثم لعقه فنالَ بفضلِ ذلك ملكةَ فَهْم لغة الطيور، وكان على الشجرة سربٌ من الطيور فسمعها تتحدث، ومما قالته الطيور نيةَ ريغن خيانة سيغورد وخير له لو قتله، وأنَّ الأفضلَ له بعدها الذهابُ إلى بلاد هندارفيل حيث تنام برنهيلد. فقصد سيغورد ريغن وقتله، ثم جمعَ ذهب فافنر على حصانه وانطلقَ نحو برنهيلد.     

حين وصلَ سيغورد إلى هندارفيل وجدَ برنهيلد نائمة وعليها درعٌ فنزعه عنها وأيقضها من نومها بعد أن نامت زمنا طويلا. وأخبرته أنها قتلت الملكِ هيالمغونار بعد أن وعده أودين بالنصر، وانتقامًا منها وخزها أودين فنامت طويلا وقالت له إنها لا بد أن تتزوج رجلًا لا يخاف. ثم حدَّثته برنهيلد عن أمورٍ كثيرة وأسدت له النصائح. وقال لها سيغورد في النهاية إنَّ عليه أن يتزوجها فما من امرأة أكثر حكمة منها. 

تركها سيغورد بعد ذلك ورسم على ترسه تنينًا وزيَّنه بالذهب الأحمر. وهكذا علَّم رَسمُ التنين فافنر كلَّ أسلحة سيغورد. واشتهرَ سيغورد بشجاعته الفائقة وذاع صيته بين البلاد أنه قاتل التنين.

التقى سيغورد مجددًا ببرنهيلد التي عادت إلى بيت مربيها هيمير. وتحدثا وأخبرته بأنه سيتزوج غدرون ابنة الملك غيوكي في حين عليها البقاء في سوح الوغى وقيادة الجيوش، وردَّ عليها سيغورد مُقسمًا بالآلهة بأنه لن يتزوجَ امرأة سواها، وأقسمت هي بالمثل، وتبادلا العهود وأعطاها الخاتم أندفارانوت وأقسما مجددًا بأيمانهما على ذلك، ثم خرجَ سيغورد إلى مملكة غيوكي. تقع مملكة غيوكي جنوب الراين، وكان له ثلاثة أبناء هم غونار وهوغني، وغوتورم، وابنة هي الأجمل في البلاد غدرون، من زوجته غريمهيلد، الضليعة من أعمال السحر والشعوذة. 

تحلم غدرون بامتلاكها بازيا ذا ريش بمسحة ذهبية وأحلام أخرى، وتذهب إلى برنهيلد لتؤول لها أحلامها. فأولَّت لها برنهيلد ما رأته في منامها، وما سيحدث في قادم الأيام من زواجها سيغورد ثم خسارتها إياه، ثم خسارتها إخوتها وقتلها الملك أتلي، أخ برنهيلد.    

يصل سيغورد إلى مملكة غيوكي، واشتهرَ بينهم وأقسمَ مع غونار وهوغني قسمَ الإخوَّة، ومكث معهم خمسة مواسم (سنتان ونصف لأن السنة عند النورديين مقسَّمة إلى موسمين). وحين علمت غريمهيلد بحب سيغورد لبرنهيلد سقته شرابًا أنساه حبَّه ووعوده لبرنهيلد، ثم عرضوا عليه زواج ابنتهم غدرون، فتزوَّجها وأنجب منها ابنا سمّاه سغموند وابنة سماها سفانهيلد. 

رغب غونار بزواج برنهيلد، وذهب مع سيغورد وهوغني إلى منطقة هليمادلي، والتقوا بهيمير وأخبروه بشأنهم، فقال لهم إنَّ من يرغب بزواج برنهيلد عليه أن يعبر بفرسه ألسنة اللهب ويصل إلى برنهيلد في قصرها. ركبَ غونار فرسه غوتي وأراد المضي مجتازا النيران لكن فرسه أحجمَ عن ذلك، فأعطاه سيغورد فرسه غراني ليمتطيه لأنه لم يكن يخشى النار لكنه الآخر حرنَ لأن ممتطيه ليس سيغورد، فتبادلَ سيغورد وغونار الوجوه بفضل السحر الذي علمتهما إياه غريمهيلد، وركب سيغورد غراني وانطلقَ نحو النيران وعبرها ثم وصل إلى قصر برنهيلد. وقال لها إنه سيدفع مهرها بالذهب والكنوز الثمينة لكنها قالت له إن مهرها سيكون بقتل كلِّ من سألها الزواج إن كان يملكُ الشجاعة لفعل ذلك. وقضى معها ثلاث ليال وناما في فراشٍ واحد ووضعَ بينهما سيفه غرام ولم يمسَّها، وقال لها حين سألته عن سبب فعلته هذه بأنه لن يباشرها ويحتفل بزواجه معها إلا في بلاده. وأخذ منها الخاتم أندفارانوت ومنحها خاتمًا من كنز فافنر. وحين عادت إلى مربيها قالت له إنَّ من عبر النيران ملكٌ اسمه غونار مع أنها أقسمت على الجبل ألا يعبر نيرانه إلا سيغورد وأنه زوجها الأول. وكانت برنهيلد قد أنجبت من سيغورد ابنة اسمها آسلاوغ أبقتها في رعاية مربيها هيمير. ثم انطلقت مع الفرسان الثلاثة إلى ديارهم. وبعد نهاية العرس تذكَّر سيغورد كلَّ وعوده لبرنهيلد.

حدث ذات يوم أن ذهبت غدرون وبرنهيلد للاغتسال في نهر الراين، وبعد أن وصلتا إلى الضفة ابتعدت برنهيلد عن غدرون مدَّعية أن والدها وزوجها أفضل من والد وزوج غدرون، فغضبت غدرون وأخبرتها بأن زوجها أشجع الرجال وأنه قاتل فافنر ومن ركب الفرس وسط ألسنة اللهب وأنه نام معها وأخذ منها الخاتم أندفارانوت وأرتها الخاتم، فأُلجمت برنهيلد وعادت واجمة وصامتة إلى البيت. ثم تحدثت المرأتان مرة أخرى وبيَّنت لها غدرون حقيقة من مضى النيران فازدادت أحزانها وظنَّت أن سيغورد قد خانها، وطلبت من زوجها غونار أن ينتقم لخيانة سيغورد لها وله حين نامَ في فراشها، وأنها لا تريد زوجين فإما موت سيغورد وإما موت غونار وإما موتها هي، وأخبرته بكل ما عرفته. 

قرر غونار وهوغني الانتقام من سيغورد وبسبب قسم الإخوَّة بينهم طلبا من أخيهما غوتورم قتل سيغورد في نومه (لأن غوتورم فتيّ ولم يقسم على أخُوَّة الدم). ضرب غوتورم سيغورد وهو نائم وحين أحسَّ سيغورد بالطعنة استيقظ ورمى سيفه على قاتله وشطره من وسطه. ثم انتحرت برنهيلد طاعنة نفسها (اقرأ انتحار الملكة ديدو في الإنيادة) وطلبت من غونار أن يحرق جثمانها وسيغورد وابنه سغموند وجسد غوتورم في محرقة واحدة.

ناحَ غراني على موت سيده وصهلَ (اقرأ بكاء الحصان على موت باتروكلوس في الإلياذة). واختفت غدرون بعد ذلك في الغابة، واستولى إخوتها على كنز فافنر. سافرت بعدها غدرون حتى وصلت إلى بلاط الملكِ هاف، وبقيت مع ابنته ثورا سبع سنوات ونصف. نسجت بساطًا رسمت فيه أفعالا بطولية ومعاركَ سغموند ضد سيغير وسيغار، وخففت من وطأة أحزانها (اقرأ صنع درعَ آخيل على يد الإله هيفايستوس في الإلياذة). 

حين عرفت غريمهيلد مكان ابنتها غدرون نصحت أبنائها بتسوية جريمة قتل زوجها سيغورد ومنحها ذهبًا دية زوجها، وذهب إخوتها وأمها إلى مملكة هاف، لكنها لم تثق بأحد منهم وسقتها أمها شرابًا مسحورا أنساها كلَّ أحزانها. وطلبت منها زواج الملكِ أتلي، أخ برنهيلد، لكنها رفضت في أول الأمر زواجه ثم أرغمت على الزواج فرضيت به ورحلت إلى مملكته. 

طمع أتلي بكنز فافنر الذي استحوذ عليه غونار وهوغني، وتآمر على قتلهما مع رجاله، وأرسلَ إليهم مبعوثه، فيغني، ليدعوهم للحضور إلى مملكته. حاولت غدرون أن تحذِّر إخوتها من القدوم بإرسال قطع خشب حزَّزت عليها علاماتٍ مُحذِّرة وطلبت من فيغني أن يعطيها لإخوتها مع خاتم ذهبي مربط به شعرة ذئب، وحين علمَ فيغني، العارف بالعلامات، مقصدها حزز العلامات ليقلبَ التحذير إلى استحثاث غدرون إخوتها على القدوم. 

حين وصلَ الرسلُ إلى مملكة غونار، رأت كوستبيرا، زوجُ هوغني، العلامات وحذَّرت زوجها من الذهاب لكنها رفضَ الاستماع لنصحها. وكذا الحال مع زوجة غونار الثانية غلاومفور.

وصل غونار وهوغني ورجالهما إلى مملكة أتلي وانكشفت لهما مؤامرة أتلي وجرت بينهما موقعة عظيمة انتهت بانتصار جيش أتلي ولم ينجُ من الموت سوى غونار وهوغني، وحين طلبَ منهما أتلي الإفصاح عن مكان كنز فافنر رفضا، فقَتلَ هوغني، ورمى غونار مقيدًا في حفرة ثعابين، فأرسلت إليه أخته غدرون قيثارًا فعزفَ بأصابع قديمه فنوَّم الثعابين خلا واحدا لدغه فمات.   

انتقمتْ غدرون لموت إخوتها، بأن قتلت ابنيها من الملكِ أتلي وخلطت دماءهما بالشراب الذي سقته الملكَ بجمجمتيهما، وشوت قلبيهما وأطعمتهما إياه دون أن يعرف، ثم أفصحت له عن ذلك وكالا لبعضٍ التهم وتشاتما. نامَ الملكِ المخمور بعد احتفاله في إيوانه، وتعاونت غدرون وابن أخيها هوغني، نيفلونغ، على قتل الملكِ في أثناء نومه، ثم أحرقتِ إيوان الملكِ على بكرة أبيه بمن فيه من حاشية ورجال. 

أرادت غدرون الموتَ فألقت نفسها في البحر بغية الغرق لكن لم يأتِ أجلها بعد، إذ حملتها الأمواج إلى بلاد الملكِ يوناكر الذي تزوَّجها وأنجبَ منها ثلاثة أبناء هم هامدير، سورلي، يرب. 

تمتعت سفانهيلد، ابنة غدرون من سيغورد، بجمال ساحر لا مثيل له. وحين سمعَ بها ملكٌ اسمه يومونريك، أرسلَ لخطبتها من الملك يوناكر ابنَه راندفير وبعثَ معه مستشاره بيكي. وافقَ يوناكر على تزويج الملكِ سفانهيلد وأرسلها معهم، فاقترحَ بيكي على راندفير أن يتزوجها هو بدلا من أبيه الهرم، ثم أرسلَ إلى الملكِ يُعلمه بفعلة ابنه ليُوقع بينهما فلما علمَ الملكُ ذلك نصبَ مشنقة لقتله. أُمسكَ بابنه راندفير عند عودته وقيدَ إلى المشنقة وفي طريقه إليها أخذ بازيا ونتفَ ريشه وأرسله إلى أبيه. حين رأى الملكُ يومونريك الطائر فهمَ قصد ابنه بأنه بلا عقب إذا ما قلته فعفا عنه لكن ولات حين مناص إذ شُنقَ قبل ذلك، وقتلَ سفانهيلد المقيدة عند بوابة قصره دعسًا بحوافر الخيل. 

حين علمت غدرون بمقتل ابنتها أرسلتْ أبناءها الثلاثة هامدير وسورلي ويرب، ثم دخلتْ مخدعها ونحبت على حظها وحياتها وأهلها سيغورد زوجها الحبيب، وهكذا حلَّ أجلها ونهاية أحزانها. 

أوصت غدرون أبناءها قبل ارتحالهم للانتقام ألا يرتكبوا أيَّ أذيّة باستخدام الحجارة، وفي الطريق إلى الملك يومونريك سأل الأخوان الكبيران أخاهما الأصغر يرب كيف سيعينهما في مهمتهم فأجاب ’كما تعين اليدُ اليدَ أوكما تعين القدمُ القدمَ‘ وفهما من جوابه أنه لن يساعدهما في شيء فقتلاه باستخدام الحجارة، واستمرا في رحلتهما فعثر هامدير وكاد أن يسقطَ لولا أنه استند إلى يده فأدركَ كنه جواب أخيه بعد فوات الأوان، وتكرر الحال مع سورلي إذا تعثَّر وكان يسقط لولا أنه مدَّ قدمه واستعاد توازنه وأدركَ الآخر كنه جواب أخيه لكن ولات حين مناص. حين وصلَ الأخوان إلى الملك بلاد يومونريك، ودخلا بلاطه في جنح الظلام فقطعَ أحدهما قدمي الملكِ النائم كما أوصتهما أمهما والآخر يديه لكن ليس معهما يرب ليضرب رأسه، ففشلا في سعيهما ولم يحقق ما جاءا إليه فاستنجد الملكُ الجريح برجاله ووقعت مقاتلة كبيرة ودافعَ الأخوان عن نفسيهما بشجاعة، حتى حضر رجلٌ بعين واحدة طويل مُسن (أودين في الغالب فأوصافه متشابهة عند كل ظهور) واقترب من الملكِ ونصحه بأن يرميهما بالحجارة ليقتلهما وهذا ما كان. (يمكن فهم تحذير غدرون لابنيها أن نهايتهما ستكون بالحجارة إذا ما تسببا بأذية أحد بها. لكن فشلَ ابناها في فهم رسالتها، وما نصيحة الرجلُ بقتلهما بالحجارة إلا دليل كونه أودين). 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى