يتناول هذا الكتاب للمؤرخ اللبناني محمد طقّوش تاريخ العراق السياسي الحديث والمعاصر. إذ يبتدئ التاريخ الحديث للعراق حسب المؤرخ اللبناني في القرن السادس عشر ميلادي والذي تمثّل في الصراع ما بين قوتين محيطتين بالعراق شرقا وشمالا، هما الدولة الصفوية والدولة العثمانية، وكان للعراق لموقعه الاستراتيجي وغياب السلطة الحاكمة وتنوع الهوية الدينية الأثر الكبير في هذا الصراع الذي انتهى بهيمنة العثمانيين عليه ودخول العراق فيما عرف بالخلافة العثمانية وتنصيب والٍ عثماني في بغداد. الصراع استمر بين هاتين القوتين إلى أن استقر الحكم في العراق بصورة كاملة للعثمانيين فيما بعد، وهذا الصراع مثّل الضلع الأول في التاريخ الحديث للعراق، فيما تمثل الضلع الثاني بحكم المماليك للعراق ابتداء من الوالي سلمان آغا إلى الوالي داوود باشا واستمر حكم المماليك للعراق قرابة قرن من الزمن. فيما كان للتمدد المصري في بلاد الشام والجزيرة العربية أثره في العراق نظرا لتفرد محمد علي بالسلطة وخروجه عن طاعة العثمانيين وتأسيسه لدولة مصر في القرن التاسع عشر، ليمثل تأثير هذا التمدد المصري الضلع الثالث في تاريخ العراق الحديث، ويكتمل مربع التاريخ الحديث للعراق، بعودة نفوذ العثمانيين في العراق وسيطرتهم عليه وحكمهم له بعد هزيمة المماليك وتنازل داوود باشا الوالي المملوكي عن الملك، وليصبح مدحت باشا الوالي العثماني الجديد، وله يُنسب تطور العراق الحديث، فيما يقول آخرون بأن اللملوكي داوود باشا هو قائد النهضة الإصلاحية في العراق الحديث، وتنتهي هذه المرحلة حتى احتلال البريطانيين للعراق في عام ١٩١٤ إثر الحرب العالمية الأولى ومساندة الأتراك للألمان، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ العراق تمثلت بازدياد التغلغل البريطاني في العراق. ينتقل المؤرخ لتناول تاريخ العراق المعاصر بعدها الذي تمثل بالانتداب البريطاني في عام ١٩٢٠، والذي سبقه تغلغل وسيطرة بريطانية على العراق بعد أن خاضت معارك ضد العثمانيين الذين دافعوا ضد هذا الاحتلال، لكن ظروف المنطقة العاصفة وظروف العثمانيين التي تمثلت بصعود أتاتورك وتأسيس دولة تركيا الحديثة أدارت الدفة تجاه تمزق الأمة العربية، ولم يكن العراق بمناص عن هذا التمزق الذي وقع وتمثل بنهاية مرحلة الخلافة ودخول مرحلة الدول. وعمل البريطانيون بعدها على تنصيب الحجازي فيصل الأول بن الشريف حسين أمير مكة ملكا على العراق، وشهدت مرحلة المملكة العراقية الكثير من التخبطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل الانتداب وكذلك ثورة العشرين الخالدة ضد المستعمر الإنجليزي ورفض أطياف الشعب العراقي لهذا الاحتلال والانتداب، فتشكلت الحكومات تلو الحكومات، لكنها كانت دائما ما تمثل بالولاء للتاج البريطاني، الأمر الذي يجعل العراق واقعيا تحت السطوة البريطانية، الأمر الذي دفع الضباط الأحرار بالبدء في تخطيط إنهاء هذه المرحلة والبدء بمرحلة جديدة ولهم في انقلاب مصر عام ١٩٥٢ أسوة حسنة، واستمرت مرحلة المملكة حتى قيام ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ بزعامة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، ليتفرد الأول بسلطة وينقلب على صاحبه، لكن حكمه لم يستمر إذ انقُلبَ عليه وقُتل عام ١٩٦٣، في حركة ٨ شباط، بقيادة القوميين والبعثيين (حزب البعث) الذي تزعمه أحمد حسن البكر وكان من شركائه الرئيسين صدام حسين، لكن الانقلابيين أعطوا الحكم لعبد السلام عارف شريك عبد الكريم قاسم نظرا لشعبيته، واستمر عبد السلام عارف في الحكم حتى وفاته بعد أقل من سنتين بتحطم طائرة، فتسلم بعدها أخوه عبد الرحمن عارف رئاسة الحكومة. حكومة الأخير لم تستمر طويلا إذ تنازل مرغما إلى البعثيين في انقلاب ١٧- تموز ١٩٦٨. وشهدت هذه المرحلة استقرارا سياسيا تمثل بزعامة البكر وصعود صدام حسين في هذه المرحلة حتى تنازل فيه البكر لنائبه صدام حسين عام ١٩٧٩ الذي أصبح الرئيس الخامس في الجمهورية بعد ثورة ١٩٥٨، صدام حسين الذي شهد العراق في عهده أطول حرب في القرن العشرين مع إيران، والتي استمرت لثماني سنوات، ودخل بعدها نتيجة لنتائج حرب إيران الاقتصادية حربا أخرى بعد اجتياحه الكويت، ليدخل العراق بعدها نفقا مظلما استمر لأكثر من اثنتي عشرة سنة انتهت بالغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣. يتناول الكتاب تاريخ العراق الحديث والمعاصر إلى الغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣ بالعرض إجمالا مختصرا أو تفصيلا لأهم الأحداث. وأسلوب المؤرخ شائق سلس، تشوب بعض المواضيع فيه اختلالات يجعل عرض المواضيع ناقصا، وغير مقنع، مما يكشف عن صعوبة أو عدم اكتمال المعلومات أو قلة المصادر التي يستعين بها لكشف الحقيقة الكاملة من بين ضباب كثيف خاصة تلك التي تخص التاريخ المعاصر في القرن العشرين فكيف بتاريخ العراق الحديث! لكن قراءة التاريخ تبقى للعظة والعبرة والانتفاع من أخبار القوم خاصة أولئك الذين ننتمي لهم.