قراءة في ألف ليلة وليلة
تعود أول إشارة موثقة حول كتاب ألف ليلة وليلة كما يشير الباحثون من بينهم د. عبد الله إبراهيم، صاحب موسوعة السرد العربي، في كتابه النثر العربي القديم إلى نص المسعودي في النصف الأول من القرن الرابع الهجري في حديثه عن كتاب ألف ليلة وليلة: “إنَّ هذه الأخبار موضوعة من خرافات مصنوعة، نظمها من تقرب إلى الملوك بروايتها، وصال على أهل عصره بحفظها والمذاكرة بها، وإن سبيل تأليفها مما ذكرنا مثل كتاب هزار أفسانه، وتفسير ذلك من الفارسية إلى العربية ألف خرافة، والخرافة بالفارسية يقال لها أفسانة. والناس يسمون هذا الكتاب ألف ليلة وليلة. وهو خبر الملك والوزير وابنته وجاريتها وهما شهرزاد ودينازاد، ومثل كتاب فرزة وسيماس وما فيه من أخبار ملوك الهند والوزراء، ومثل كتاب السندباد، وغيرها من الكتب في هذا المعنى”. ويذهب د. عبد الله إبراهيم في تحليله لنص المسعودي إن تأليف كتاب ألف ليلة وليلة ’قد تم على غرار الكتب المنقولة، وعلى نحو أدق فإن سبيل تأليفها هو سبيل تأليف كتاب هزار أفسانة‘ وأن ما يورده المسعودي في نصه يوحي إلى وجود أكثر من كتاب أحدهما مؤلف عربيا والآخر فارسي. وينتهي الدكتور إلى “إنَّ نص المسعودي يرجح أنه كان يضاهي كتابًا في الخرافات، هادفًا إلى التعريف به بكتبٍ نقلت إلى العربية وأصبحت معروفة في القرنين الثالث والرابع”. وثمة إشارات أخرى قديمة عن كتاب ألف ليلة وليلة كذلك لدى ابن النديم في “الفهرست”، وأبي حيان التوحيدي في “الإمتاع والمؤانسة”، والمقرِّي.
تدل هذه الإشارات إلى قِدم كتاب ألف ليلة وليلة وأنَّ للمؤلف وإن كان عربيًا “بمحتواه القصصي” فإنَّ ثمة أصولًا له أقلها في الإطار العام “قصة شهرزاد وشهريار” وعدد الليالي أو الخرافات، وكذلك التأثيرات التي نُسجت منها القصص وهذا ما يدعمه متن بعض القصص إذ التأثر بالمبالغة الهندية في الأعداد والإغراق في الشجاعة لدى الأبطال.
تبقى أولى نسخ ألف ليلة وليلة محط اختلاف وشك ولم يُتفق عليها بتاتًا ويذكر د. عبد الله “إنَّ الكتاب قد نجح في اجتذاب الخرافات والحكايات الشعبية المتداولة في القرون الأولى، فضلا عن كتب الأخبار العربية، وربما تقدم خرافات الحيوان التي وردت متعاقبة في الكتاب، والأخبار العربية التي وردت هي الأخرى معا في مكان آخر، وحكايات الوعظ، والخرافات ذات الجذور الإسرائيلية التي يضمها مكان آخرـ دليلًا على اندغام خرافات ذلك العصر. يضاف إلى ذلك دخول حكاية خرافية هندية معروفة هي “سندباد الحكيم” اتَّخذت عنوانا جديدا “حكاية الملك وولده والجارية والوزراء السبعة”، والحقت به سيرة شعبية من غير نوع الخرافات هي “حكاية عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان” وشغلت جزءا منه، وبعض قصص البحار التي لا نعرفها إلا النسخ المتأخرة من حكايات السندباد”…
لتحميل القراءة كاملة: