موقدُ الأيام
قربَ موقد الأيام
يحمل دفتر عمره بيده
يقلِّبه ورقةً ورقةً..
هي أوجاعي التي أغتسلُ بها
كلما نئيتِ؛ ضئلتُ مثل طيرٍ
يصافح السماء فتخطفه الشمسُ
تاركًا وراءه عشًا بلا صغار
يقلِّبه ورقةً ورقةً
أمزقها أو لا أمزقها
مجدي في وجدي
نارٌ في الضلوع
يا دائرة تدور؛
أحاسيسُ تبزغُ كعين القمر
ليلًا أطيرُ خلفَ طيفكِ عابرًا… إلى الجنوب
يلاحقه في أوراقه
عائدًا إلى الوراء
يمسكه بأصابعه
تسللَ من فرجاتٍ تنتظرُ ملمسًا أبيضَ
أنهاره تجري بلا انقطاع
تنزفُ مع كل نازفةٍ
تبكي دمعًا بلون الشوق
يومٌ في الحياة
دهرٌ يدورُ في فَلَكِ عينيَّ مع النجوم
تحلِّقُ الذكريات في رحابة الأسى
في ورقة مطويةً بجَعبة النسيان
وأتعثرُ بصدى صوتٍ غابَ…
بل نابَ عن حضرة الموتِ
هذه الساعة قرب الموقد
يزحفُ ببطء ويضمُّه
ذراعان تُطوِّقان صدرًا مثقلًا
بكِ يا قصائدي المبتورة
فوق ميناء أعطبه الهَجر
عافته السفنُ.. وعافته نفسه..
قربَ موقد الأيام
قرَّرَ إحراق الأوراق
ورقة بسنة؛ ليل بسنةٍ لا ينتهي
يدنو من عتبة الرحيل؛
ما في نيته، رغم رغبته
أن نتجاوزها معًا
نلجُ إلى حضن الأرض الدافئ
لا نموتُ.. مهما هرمنا
لا نموت.. مهما أَحْرقنا
من سنينٍ.. لا نموت
نارٌ شاحبة تجندل ظلًا أعزلَ
ذراعان تتلمسان الحجارة
أتسخَّمُ بمحرقتي
أشمُ عطرًا من لقاء
أسمع وقع أقدام خيال..
سريعًا مرَّ بين الشَّرار
واللهيب الذي ما أسودَّ إلا بي
تذوب قدماه..
ساقاه وفخذاه.. وشيؤه الثمين..
بطني ضامرٌ وصدرٌ أهيفُ
ما عادت الأصابع هنا..
ذراعاه وكتفاه قد نهضا بأعباء السهاد..
ورقبةٌ تشتهي العناق
شَعري الذي لم تتخلله أناملك
حاجباي وعيناي (لا نفع منهما بلا رؤياك)
أنفي كأنفكِ الذي استنشقَ في المنام؛
فميَ
وحيدٌ.. يأبى الفناء
يسافر مع الدخان
تحمله الرياح
نحو قُبلةٍ يرضاها