مجمل تاريخ الأدب الإنجليزي – إيفور إيفانس
يعد هذا الكتاب المهم في تاريخ الأدب الإنجليزي مدخلا يُنصح به لدارسي الأدب الإنجليزي في الجامعات، وهو مقسم إلى أربعة أقسام رئيسة موزعة على فصول الكتاب، حيث يستعرض الكتاب تاريخ: الشعر والمسرحية والرواية والنثر الإنجليزي، ومتوقفا عند أهم المحطات في تاريخ الأدب الإنجليزي الذي يبدأ كما يشير إيفور مع دخول القبائل الجرمانية التخريبية إلى أرض إنكلترا، مثلت بداية التاريخ الإنجليزي، والحدث المهم الآخر تمثل بفتح الإمبراطور الروماني أوغسطين، ودخول هذه القبائل الوثنية المسيحيةَ. جلبت هذه القبائل الجرمانية معها أسطورة بيوولف، وهي أسطورة ذات أصول إسكندنافية، وليس هناك أي علاقة ما بين إنجلترا والبطل بيولف ألا إنها أول قصيدة كتبت بالإنجليزية. بعد عرض تاريخي موجز يبدأ إيفور بعرض للبدايات الشعر الإنجليزي الحديث الذي بدأ مع تشوسر في القرن الرابع عشر ميلادي، وتنوعت مواضيعه وموسيقاه في بداياته ما بين شعر الرعوية والطبيعة والأساطير، مرورا بشعراء الإنجليز أمثال ميلتون وبلايك حتى شعراء العصر الرومانسي أمثال وردزورث، الذي يعتبر أهم شعراء الحركة الرومانطيقية الإنجليز. وامتاز شعر هذه العصر الرومانسي بالتوجه نحو الطبيعة وتحرير العاطفة، والثورة على الكلاسيكية والعقلانية التي امتازت بها المدد الزمنية السابقة، وصولا إلى العصر الحديث. إضافة إلى الاستعراض لأهم شعراء في التاريخ الإنجليزي. يذكر الكتاب مشاهد من حياتهم ومواضيع أشعارهم راسما صورا كاملة حول الشعر والشاعر والمجتمع، وما رافق وقته من أحداث سياسية واجتماعية مهمة.
القسم الثاني من الكتاب فتمثل بالدرما والمسرح، ويقول إيفور بأن من الخطأ عد الدراما جزءا من الأدب الإنجليزي، معللا هذا الأمر بأن الأدب يعتمد على الألفاظ، لكن الدراما فن متعدد الجوانب يتضمن الممثلين ومواهب المخرج المنظمة للعمل المسرحي والمكان الذي تشيع فيه الكلمات أو العنصر الأدبي الذي يتنوع. ويبرز أهم كاتبي المسرحيات الإنجليز وليام شيكسبير، الذي مثّل العصر الذهبي في المسرح الإنجليزي، ومسرحياته المشهورة كهاملت وعطيل والملك لير وروميو وجوليت، إضافة إلى وليام شكسبير فهناك شريدن ومدلتون وفيليب ماسنجر، وتنوعت مواضيع المسرح الإنجليزي ما بين التراجيديا والكوميديا والتاريخ والاجتماعية. وشهد المسرح الإنجليزي في القرن التاسع عشر نوعا من الانحدار حتى عودة البريق إليه مع برنارد شو، الذي كانت رحلته في التأليف المسرحي أطول رحلة في المسرح الإنجليزي بادئا بمسرحية بيوت الأرامل في عام 1892 واستمرت إلى 1939 مع مسرحية أيام الملك تشارلز الذهبية، وقد كان شو قبل كتابته المسرحية ناقدا مسرحيا مما أضاف له الكثير من المزايا والإمكانيات التي أضافت له الكثير في كونه كاتبا مسرحيا. والجدير بالذكر في هذا الكتاب، أنه يذكر الأدباء الإنجليز بمن ضمنهم أدباء إسكتلندا وويلز وإيرلندا، وكما تشير الموسوعة البريطانية فإن الأدب الإنجليزي يشمل أدب إنكلترا وإسكتلندا وويلز (متضمنا إيرلندا) ابتداءً من القرن السابع الميلادي، ولا يكتفي إيفور في هذا فقط بل يذكر أدباء ذوي أصول غير إنجليزية لكنهم حملوا الجنسية البريطانية كأمثال الأمريكي هنري جيمس والبولندي-البريطاني جوزيف كونراد.
القسم الثالث من الكتاب والذي يخص الرواية الإنجليزية، لا يمكن أن يحديد وقت معين لانطلاق الرواية الإنجليزية قبل القرن السادس عشر كما يذكر إيفور، كون القصة قديمة مع قدم الشعوب وتُتداول على ألسنة الجميع، وظهرت نماذج قصصية في قوالب شعرية كما في تشوسر وأول محاولة روائية كانت لدى فيليب سدني ورواية أكارديا، لكنها تبقى محاولات لم يرتسم لها النجاح والتأثير، ولم يطلق رواية عليها إلا في منتصف القرن الثامن عشر، وتحديدا سنة ١٧٤٠ مع رواية باميلا لصامويل ريتشاردسون، وهي رواية تراسلية بين الخادمة الشابة باميلا وذويها تحكي لهم قصتها بعد وفاة سيدتها ومحاولات ابن سيدتها لإغوائها وتمنعها. وهي رواية تحث على الأخلاق والقيم الاجتماعية، وبدأ بعدها تطور الرواية الإنجليزية وظهور عديد الروائيين والروائيات أمثال الأختين برونتي وماري شيلي جين أوستن وديكنز وثاكري، وتنوع المواضيع الروائية ما بين الاجتماعية والتاريخية وظهور نوع روائي جديد في مواضيعه هو رواية القوطية، روايات الرعب، وكذلك شهدت ظهور رواية فرانكنشتاين، وهي تعد من الروايات التي ما زالت تقرأ حتى اليوم نظرا لموضوعها الذي يقترب من الخيال العلمي والإنسان المسخ. ويظهر تشارلز ديكنز أهم الروائيين الإنجليز وأعظمهم عبر التاريخ الأدبي للرواية الإنجليزية، وذاع صيته واشتهر في أوروبا في القرن التاسع عشر. ويستعرض الكتابُ الروائيين إلى حد أولئك الذين ولدوا في القرن التاسع عشر وعاشوا في القرن العشرين كأمثال د. هـ. لورانس وهكسلي وفرجينيا وولف وجويس وسومرست موم وفورستر . وجدير بالذكر أن الكتاب لا يذكر جميع الروائيين بل يغيب كثير منهم وإن كان اسمه مشهورا مثل أجاثا كريستي.
القسم الرابع، الأخير، كان النثر الإنجليزي، هذا القسم من الكتاب يبدو واسعا وشاملا ولا يمكن أن يحصره كاتبه في ذكر عدد معين من الكُتّاب، إذ يشمل كل ما كُتب نثرا، وهنا يتضمن الفلسفة والتاريخ والسياسة والدين والكتابات النثرية الأدبية والعلوم والطب، ويرجع النثر الإنجليزي إلى زمن الإنجلوسكسون، وكان متمثلا في الترجمة بعض الكتب إلى اللاتينية والكتابات الدينية وكانتا باللغة اللاتينية حتى الغزو النورماندي، ليبدأ التوسع في الكتابة النثرية واستخدام اللغة الإنجليزية وشيوعها في الكتابة حتى وقتنا الحاضر.