سيرة الملك هرولف ابن غوتريك Saga of Hrolf Gautreksson
سيرة الملك هرولف واحدة من الحكايات المشهورة في التراث الآيسلندي إذ بلغ عدد مخطوطاتها نحو ستٍ وستين مخطوطة، يرجع تاريخ أقدمها إلى سنة 1300. تمتاز السيرة في موضوعها وحَبكتها وبنيتها بكونها ذات طابع شعبيّ، وشبيهة بالسيرة الشعبيّة العربيّة، فشخصيات السيرة من علية القوم، وهم أبطال محاربون ينتصرون على أعدائهم في آخر المطاف، ويحظون بالأعوان والمساعدين غير المتوقّعين، وتنتهي مغامراتهم ومهامهم على ما يريدون، ويدرك القارئ/ المستمع المتلقّي للحكاية أنَّ النهاية ستكون سعيدة، فالغاية ليست في النهاية بل في درب الوصول إليها، وكيف يتخطّى البطل الصعاب وما يواجهه من أخطار، ويرجع إلى بلاده قد أتمّ مَهمته وحاز على ما يريد. يتكرر في هذه السيرة موضوع “مسعى الزواج” ثلاث مرات مع ثلاث شخصيات هي هرولف وأخوه كيتل وأخوه بالقَسَم آسموند، وهذه المرّات الثلاث هي قوام الحكاية. لا يقتصر التكرار على موضوع مسعى الزواج فالتشابه في بُنية الحَبكة إذ تفشل محاولة الخاطب الأولى على أسوأ حال، لكنه يعود في المرة الثانية وينتصر على جيش المخطوبة أو جيش أبيها، ويجعلها تغيّر من رأيها وتبصر فيه زوجا كفؤا لها بل خير من تتزوّجه. وتكون المرأة المخطوبة رافضة للزواج ومتكبّرة لا ترى في الرجال نظيرا لها، وحسناء حكيمة وأحيانا محاربة جسورة. برزت نساء السيرة في رجاحة عقولهن، وحكمتهن وصواب آرائهنّ، وأحلامهن المتنبّئة بالقادم وصحّة تأويلهنّ لهذه الأحلام، وكان الرجال، أزواجهن أو أباؤهنّ، تبعا لهنّ في الرأي والمشورة. وقلّما تكون كلّ الشخصيات الأنثويّة في الحكاية الآيسلنديّة الواحدة مثاليّة في العقل والبصيرة، وإنْ ظهرت شخصيات أنثويّة في حكايات كثيرة على غاية من الحكمة لكنّ تبقى فيهن نقيصة في غلبة العاطفة على العقل مثل برنهيلد وغدرون في سيرة آل فولسونغ.
يحوز مسعى الزواج على كامل الحكاية وأحداثها فيكون الإطار الضامّ للشخصيات والمغامرات والمعارك والبطولة، فما أن ينتهي فصل من فصول السيرة بزواج البطل، حتى تظهر امرأة أخرى يسعى البطل الثاني لزواجها، ثم الأخير.