نصوص

دفاتر مريم

دفاترُ تطيرُ أوراقُها

صقورًا وعِقبانًا

دفاترُ تسطّرُ التاريخَ

في صدرٍ رحبٍ حبيب

أيتها الفضلى الناعسةُ 

في كفوفِ القمرِ الساهد

أنيري ظلمتي

أرشديني بضحكاتك 

قد تهتُ بين الدفاترِ

مريم تضحك

صدِّيقةٌ شهدتْ ولادتي

وحياتي ومبعثي ومماتي 

وَلَدَتني تضحكُ 

والوجعُ وهمٌ والصوت صدى

والرؤيا سرابٌ والروحُ سُدى 

كانت تضحكُ في دهرها؛

الحزنُ شوطٌ طويل

وأقصر من خطوها

تلدُ في الخطوِ 

ومن بعدي سربٌ من الجياع 

تنثرهم ساقاها المجيدتانِ

والنمور تركضُ في ظلها 

والشُهبُ تلعبُ في نهدها 

والملاكُ يخرُ ساجدًا لطَرْفِها

مريم تبعثني

قالوا أموتُ

وسأموتُ

ومتُّ

قالوا مهلكةٌ وَجْدُكَ فيها 

جررتُ أنفاسي

حين غابتِ الشمسُ

أطبقُ جفنيَّ وأبصرتُ الروحَ

تحلّق مرفرفةً وعند قدميها تنزلُ

تلاشتِ النِّفْسُ وذوى الجسد

ريَّا ريقها خَلَقْ

ولمسُ أناملها فَلَقْ 

وهزُّ خلخالها بَرَقْ

عودٌ من جديدٍ

وها هي ذي-

مريمُ تكسرُ الصليبَ

كيفَ كنتُ 

ظلٌ يزهو ويخافُ النور 

أهبطُ إلى حِضنها

ودَّعني إبليسُ عابسا

وحيدًا عاد إلى إيمانه

تقول اتبعني

امشِ في حمى ثوبي

ولا تنسَ التسبيح

افتحْ عينيك

لا خوفٌ ولا موت 

فالمسار طويل

وتقصّره قدماي

مريم إلهتي 

إلهتي تجلّت محاسنُك

وتنزّهتِ من حبِّ فانِ

ما له عنكِ بعد العَودِ ثانِ

سُقياك نورٌ فضيض

ووجدي فيكِ يفيض

لا رقودَ في مضجعٍ

فكُليّ إلى كُلِّكِ-

يهوى النقيض

وسِربي في السراب 

يسوّدُ البيض

ويملأ الدفاترَ بمائه

ويغرقُ في سكون

يفنى ولا يكون!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى