نصوص

في رثاء لوركا 

نمْ يا فردريكو في دمعِ غرناطة الذي لم يجفْ 

ملّح أيامكَ بعد الموت ببكائها 

قصَّ على الفلاحين حكايةَ الشجرة 

كيّف ضمت جسدك المخروق برصاصة غاضبة

حكايةَ “اللصَّان والعاشقة” 

وقبرك التائهُ في بساتين الأندلس 

يرسمُ طريق الضياع لأرضِ الأرانب 

لوركا أيها المسافر بين القرى 

والمنشدُ:

“عبر أشجار الغار

تطير حمامتان دكناوان

كانت أولاهما الشمسُ 

والأخرى كانت القمر

قلتُ لهما: أيا جارتيا، 

أين قبري؟ 

قالت الشمس: في ذيلي.

قال القمر: في حلقي”.

وما زلتَ تُناجي قبرك بين أشجار التفاح 

وظل الليمون الوارف على تاريخ القصور الحمراء

أين أنتَ دُلَّني عليكَ أيها الغرناطيّ 

حتى أغسلكَ قبل دفنك بماء قصائدك التي لم تكتبها

وأكفِّنكَ بثوب اللوحات التي لم ترسمها

وأرثيك بقراءة المسرحيات التي لم تكتبها 

أيها الغرناطيّ الذي لم يرَ أجداده 

من علّمك عشق الأرضِ هكذا 

وأرشدك إلى أبوابها السفليّة 

إذ تصطاد الأرواحَ النابتة

 في الحدائق المروية بدم الشهداء

*** 

ينساب شِعْرُكَ إلى الشرق الحزين 

مهد أجدادك 

كشعلةٍ أنتما في ليلتي المظلمة هذه

أستنير بك لأكتب لحبيبتي

غزلًا أقول فيه: عيناكِ كعينيه الطائرتين 

وشفتاك كشفتيه المختلطتين بالموت

وشعركِ كشعره المُحنّأ بالدم 

قومي فارقصي كما رقص قبل الرحيل

كما مشى من البيت الى الزنزانة 

خطواتكَ الأخيرة قوافٍ لكل القصائد 

ما بين خطوة وأخرى ينبتُ حرفٌ جديد

ينبتُ لوركا يُحاصر قتلته 

يشنق كل الجنرالات والملوك 

من عصر القوط 

إلى يومنا الذي لا نعرف من يحكمنا

وأنت ما زلت تسير إلى مثواك الأخير 

تُشيّعك بهديلها حمامتيكَ

ويخعلان ريشمها حُزنا عليكَ

وتنتحران سقوطا في حفرة قصيدة كبيرة تحمل اسمك

نم يا لوركا بين النوتات التي عزفتها

بين الأغاني التي غنيتها

ولا تستيقظ أبدا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى