لم يترك لنا إلا أوراق معدودة من رسائل إميلي ويومياتها، وكذا الحال مع أختها الصغرى آن، فأين اختفت البقية؟ ليس من جواب أكيد عن هذا لكن الغالب أن إميلي اتلفتها أو أن شارلوت اتلفت كل الباقي من الكتابات غير المهمة لأختيها ورسائلهما، والاحتمال الثاني هو أكثر ما يميل إليه الدارسون. بقي لإميلي رسالتان وأربع أوراق يوميات أترجمها كاملة هنا مع التعليق عليها.
الرسالة الأولى من إميلي جاين برونتي إلى إلين نوسي، في الثاني والعشرين من شهر أيار/ مايو 1843.
أودُّ شُكرَ لطفكِ على إعلامي بإمكانية إرسال رسالةٍ “مجانيّة البريد” وإلا فأنا بلا لباقة وتحضر.
أكتبُ إليك لأطلب منك التوجه “الثلاثاء القادم”، أي غدًا، إلى السيد تايلور لأني أخشى أن يفوتِك الأوان. لم تذكر شارلوت أي كلمة عن موعد عودتها إلى الديار، وإذا ما ذهبتِ إليها ومكثتِ نصفَ عامٍ لربما حينها أمكنكِ العودة بها إلى الديار، سوى ذلك فإنها ستنبتُ “هناكَ” حتى سنِّ متوشالح لأنها تفتقرِ إلى شجاعة مواجهة الرحلة.
الجميعُ هنا بصحة وعافية، وكذا الحال مع آن التي أخبرتي في رسائلها الأخيرة بأنها ستكون في عطلةٍ معنا بعد نحو أسبوعٍ أو اثنين، وإذا ما رغبتْ سأجعلها تكتبُ رسالةً محترمةً لك، المَنقبة التي أعجز عن أدائها.
مع الحب وأطيب الرجاء..
إميلي ج. برونتي
____
تعليق المترجم: كانت شارلوت في سنة 1843 في بروكسل، في مدرسة البنات الداخلية، وطلبت إميلي في رسالتها هذه من إلين أن تُعلمَ السيد جو تايلور، أحد معارف آل برونتي، وكان في رحلات من وإلى بروكسل أن يبلغَ شارلوت بالكتابة إلى إميلي. أرسلت شارلوت في السنة اللاحقة بيده رسالة إلى المسيو هيغر. يمكن العودة إلى سيرة شارلوت برونتي التي ترجمتُها للوقوف أكثر على تفاصيل هذه الأحداث.
إنَّ إلماح إميلي إلى شارلوت بأنها ستنبتُ “هناك”، أي مدرسة البنات الداخلية في بروكسل، إشارةٌ إلى حبِّ شارلوت لهيغر، ولوضعها النفسي المتذبذب، وعجزها في حزم أمرها واتخاذ القرار الفصل في هذه المسألة، لا سيما وأنَّها تربط مكثها في بروكسل جرَّاء مشاعرها بالشخصية التوراتيّة متوشالح الذي عاش نحو ألف سنة بعد طوفان نوح، وهذا التشبيه ساخرٌ طريف مقرون بالفعل “أنبت” يبيّن مدى معرفة إميلي بوضع أختها، ولا بد أنَّ ثمة رسائل تبُودلت بين الأختين لكنها أُتلفت، في الغالب على يد شارلوت، وما عادت موجودة.
الرسالة الثانية من إميلي جاين برونتي إلى إلين نوسي، في السادس عشر من تموز/ يوليو 1845.
عزيزتي آنسة إلين
أعلمي من فضلكِ شارلوت، إذا ما وسعكِ ذلك عن طيب خاطر، أن تمكثَ معكِ أسبوعًا آخر وأننا جميعًا موافقون على بقائها، وسأتولى شؤون البيت بسهولة ابتداءً من الأحد، وأنا فرحة أنها مستمتعةٌ بوقتها، لتروِّحْ عن نفسها في الأيام السبعة المقبلة وترجع قويّة القلبِ والبدن.
نبعثُ إليكما أنا وآن خالصَ حبَّنا، وأخبريها أننا جميعا في البيت بصحة جيدة. كل الحب.
إ. ج. برونتي.
____
تعليق المترجم: عانت شارلوت بعد عودتها من بروكسل في كانون الثاني/ يناير 1844 من لوعاتِ حبٍّ غير متبادل مع المسيو هيغر، أستاذ البلاغة في مدرسة البنات في بروكسل، وتقلَّبت ملتاعة في تباريح الشوقِ والحب باقي حياتها وأفصحت عنه في كلِّ رواياتها الأربع، لكن أشدُّ ما قاسته كان في سني 1844-1845، بعد عودتها مباشرة، وكتبت له في هاتين السنتين خمس رسائل، بقيت منها أربعٌ، وقد ترجمتُها أيضًا في سيرة شارلوت، يعود تاريخ آخر رسالة إلى تشرين الثاني/ نوفمبر 1845، أما الرسالة المفقودة والرابعة في التسلسل فتاريخها في شهر أيار/ مايو 1845. في شهور هذه السنة عانت شارلوت نفسيًّا وصحيًّا وذهبت في زيارة لصديقتها نوسي لتبديل الأجواء وتخفيفًا لحدة مشاعرها وتحسين صحتها، لذا فإن طلبَ إميلي في زيادة مدة مكوثها عند إلين واضحُ الأسباب والدواعي. كما يبيّن عن طيب العلاقة التي جمعت الأختين، وتفهُّم إميلي الكبير للوضع النفسي والعاطفي الذي تقاسيه أختها.
يوميات إميلي
تنقسم هذه الأوراق إلى قسمين، نصفها بالتشارك بين إميلي وآن، ونصفها لإميلي وحدها، وهناك ورقتان أخريان بقلم آن وفيهما إشارة إلى إميلي، لم أترجمهما مع أوراق إميلي، وسأترجمهما وأنشرهما منفصلتين لاحقا إن شاء الله.
الورقة الأولى: يومية إميلي وآن بتاريخ الرابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 1834.
أطعمتُ راينبو، ودياموند سنوفلايك، والدرَّاج ياسبر ذهب برانويل إلى السيد درايفر وأتى بأخبار السيد روبرت بيل الذي دُعي للمشاركة في ليدز آن وأنا كنا نقشِّر التفاح لشارلوت حتى تعدَّ لنا حلوى التفاح وللخالة المكسَّرات والتفاح قالت شارلوت إنها تعد أفضل حلوى وكانت سريعة لكن مذاقها عادي. صاحت تابي للتو وقالت آن تعالي گشربتيتة (قشري البطاطا) دخلت آن المطبخ فسألتها أين قدماك آن أجابت آن على الأرض خالة فتح بابا بابَ الردهة وسلَّم برانويل رسالةً قائلا برانويل اقرأ هذه وأرِها خالتك وشارلوت- اكتشف الغونداليّون جاسوس غالدين سالي موسلي تغسل في حجرة المطبخ الخلفيّة.
الساعة الثانية عشرة ونصف، أنا وآن في حالٍ غير مرتَّبة أكملنا ترتيب فراشنا وإكمال دروسنا ونريد الخروج للعلب سنأكل في الغداء لحم مسلوقا ولفتا وبطاطا وحلوى التفاح. المطبخ في حالٍ يُرثى لها لم نُنهِ أنا وآن تمرين الموسيقى المتكوِّن من باء الكبير قالت تابي وهي تضع قلما في وجهها گاعدة تطگطكين بدل ما تگشرين بتيتة أجبتها يا عزيزتي يا عزيزتي يا عزيزتي سأقوم الآن وآخذ السكين وأبدأ التقشير (إنهاء) تقشير البطاطا بابا ذاهب يتمشّى إلى لقاء السيد سندرسلاند المنتظر.
نتساءل أنا وآن كيف سنبدو وأين سنكون بحلول سنة 1874، سأكون في هذه السنة بسن ألـ57 وآن ستكون بسن ألـ55 وبرانويل بسن ألـ58 وشارلوت بسن ألـ59 نرجو أن نكون بخير وقتها نُغلق ورقتنا
إميلي وآن
___
تعليق المترجم: تبدأ إميلي بتدوين إطعامها حيواناتهم في البيت وذكر أسمائها، ثم تُشرع بعدها بذكر أحداث يومها، وكما واضحٌ فإن اليوميّة مكتوبة بلا علامات ترقيم والجمل متداخلة بلا فواصل، لكنها في العموم واضحة. تتحدث تابي بلهجة أهل هاورث، وكتبت إميلي كلام تابي بإملاء اللهجة كما تلفظها، وقد دوَّنتها باللهجة العراقية لتوضيح الفرق بين لغة إميلي ولهجة تابي.
اكتشف الغونداليّون جاسوس غالدين: جزيرة غالدين مجاورة لجزيرة غوندال التي كتبت ملحمتها إميلي والكثير من القصائد عن شخصياتها، وسيرد ذكرها في اليوميات الآتية. تنتهي اليوميّة بتفاؤل كبير من إميلي حول المستقبل لكن القارئ يعلم أنَّ الأربعة لم يبلغوا تلك السنة وماتوا في ريعان الشباب بسبب المرض.
الورقة الثانية: يومية إميلي وآن، بتاريخ السادس والعشرين من حزيران/ يونيو 1837
مساء الاثنين ألـ26 من حزيران 1837 تجاوزت الساعة الرابعة تعمل شارلوت في غرفة خالة، برانويل يقرأ لها إيغيني آرام -أنا وآن نكتب في حجرة الرسم- افتتاح قصيدة آن “بهيٌّ ذاك المساء ومشرقةٌ هي الشمس” أكتب حياة أوغسطا ألميدا المجلد الأول من الصفحة الأولى إلى الرابعة جوٌّ طيبٌ غير باردٍ سحبٌ رمادية خفيفة لكنه نهارٌ مشمسٌ تعمل خالة في الحجرة الصغيرة الحضانة القديمة بابا في الخارج تابي في المطبخ – يتهيأ أباطرة غوندال وغالدين للمغادرة من غالدين إلى غوندال والتحضير للتنصيب الملكي المقرر في الثاني عشر من تموز سترتقي الملكة فيكتوريا العرش هذا الشهر.
نورثانغيرلاند في جزيرة القردة-زامورا في إيفيرشام. الجميعُ بصحة وعافية ونأمل أن نبقى هكذا في مثل هذا اليوم بعد 4 سنوات حين ستبلغ شارلوت ألـ25 وشهرين برانويل يكمل ألـ24 وهذا يوم ميلاده- أنا في ألـ22 و10 شهور وآن الصغرى في ألـ21 والنصف تقريبا أتساءل أين سنكون حينها وكيف سنكون وأيُّ يوم سيكون ذاك- لنرجو لنا الأفضل
إميلي جاين برونتي – آن برونتي
أظن أنَّ في ذاك اليوم بعد 4 سنوات سنكون مرتاحين في حجرة الرسم آمل أن تكون الحال على هذا. تظن آن بأننا سنخرجُ إلى مكانٍ مريحٍ نأمل حقًا أن يتحقق هذا.
الخالة: تعالي إميلي لقد تجاوزت الرابعة.
إميلي: نعم خالة، آتية خالة
آن: إيه، هل تنوين الكتابة هذا المساء
إميلي: إيه بماذا تفكرين (اتفقنا أن نخرجَ أولًا لنتأكد إذا كنا سنحظى ببعض المرح. يجب أن نبقى في-)
الورقة الثالثة: يومية إميلي ج. برونتي، بتاريخ الثلاثين من تموز/ يوليو 1841.
ورقةٌ تُفتح حين تبلغُ آن سن الخامسة والعشرين أو في عيد ميلادها اللاحق إذا ما كان الجميعُ بخير.
إنَّه مساء الجمعة -الساعة قريبة من التاسعة- والجوُّ مُمطرٌ بقوة أقعدُ في حجرة الطعام ’وحدي‘- انتهيت للتو من ترتيب خزانة ثيابنا -أدوِّن هذه الورقة- بابا في حجرة الاستقبال. خالة في غرفتها في الطابق الثاني- كانت تقرأ مجلة بلاكوود لبابا- فيكتوريا وأديلايد [وزَّتان] مُتخفيتان في بيت الحيوان- كيبر [كلب] في المطبخ- هيرو [الباز] في قفصه- كلنا بخير وصحةٍ وعافية وآمل أنَّ هذه حال شارلوت، وبرانويل، وآن، فالأولى عند المبجل جون وايت، في بيت أبروود، راودين، والثاني في قرية لوديندين فوت، والثالثة أظنها في سكاربرا- تكتب ربما رسالة تُجيب بها عن هذا- مشروع متحمسون لأجله في الوقت الحاضر لتأسيس مدرستنا لكن ما زال كلُّ شيء على وضعه وآمل وواثقة بأننا سنمضي فيه ونزدهر ونحقق أعلى توقعاتنا. أتساءل بعد أربع سنوات من اليوم إذا ما كنا نعافر في وضعنا الحالي أو أسَّسنا مُنى قلوبنا الزمن كفيلٌ بفصل الخطاب-
أخمِّن في الوقت المقرَّرِ لفتح هذه الورقة سنكون -أنا وشارلوت وآن- قاعداتٍ بسرورٍ في حجرة الجلوس داخل مدرسة بهيجةٍ وناجحة وقد جمعنا ديونَ عطلة منتصف الصيف لندفعها وسيكون في يدنا مبلغٌ ماليٌّ محترمٌ. سيكون بابا وخالة وبرانويل في زيارتنا -أو قادمون إلينا- ستكون أمسيّة صيفيّة دافئة رائقة. مختلفةٌ كلَّ الاختلاف عن هذا المَرْقَب الكئيب سأنتهز الفرصة مع آن للتسلل إلى الحديقة بضعَ دقائق لتصفِّح أوراقنا. آمل أن يتحقق هذا أو ما هو أفضل منه-
الغونداليّون في الوقت الحالي في حالٍ تُنذر بخطرٍ لكن ما اندلعت حربٌ مفتوحة بعد- الأمراء والأميرات الملكيين في قصر الإرشادات- في حوزتي الكثير من الكتب الجيّدة لكن من المؤسف القول إني كعادتي لم أقرأ إلا شيئًا قليلا منها- أعددت للتو ورقة تنظيم جديدة! ولا حاجة لقول المزيد -لإنجاز أشياءَ عظيمة- وأنا أوشكَ أن أرسل نصيحة في مسعى الشجاعة إلى المعزولة والمتضايقة آن أتمنى لو كانت هنا.
___
تعليق المترجم: في هذه الورقة ثلاثة أمور هامة. الأول هو ما دأبت إميلي، كما يتضح جليا، في تدوينها الاستباقي للمستقبل واستشرافه، وهو ما يشير إلى تفكيرها بحياتهم القادمة وكيف سيكون أمرها، ويبدو أنَّ حدسها يُنبئها بوقوع ما لا يُحمد لما تكرره من أملها ورجائها في أن يكون الوضع كما ترجو أو أفضل. الثاني هو إشارتها إلى مشروع المدرسة الداخلية التي طمحت مع شارلوت وآن أن يفتتحوها في هاورث، وسافرت مع شارلوت إلى بروكسل من أجلها، ثم آمالها عن تحسُّن أوضاعهم الماديّة، وهذا ما خاب ولم يتحقق بعد ذلك. الثالث هو إشارتها إلى حال آن حين كانت تعمل لدى أسرة روبنسون، وبلدة سكاربرا الساحلية حيث كانت آن حينئذ، هي البلدة التي عرفتها آن حين عملت عند هذه الأسرة نحو أربع سنوات، وزارت هذه البلدة في العطلات الصيفيّة، وأحبتها وأحبَّت البحر، وهي البلدة التي تضمُّ رفاتها بعد أن سافرت إليها رفقة شارلوت وإلين في أيامها الأخيرة بغية تغيير الأجواء ونشد تحسُّن الصحة.
الورقة الرابعة: يوميات إميلي ج. برونتي بتاريخ الثلاثين من تموز/ يوليو 1845
إنِّه عيد ميلادي السابع والعشرون -الجو ذو نسيم بارد وممطر- فتحتُ وآن الأوراق التي كتبناها قبل أربع سنوات في عيد ميلادي الثالث والعشرين- ننوي فتح هذه الورقة، إذا ما كنا بحالٍ جيِّدة، حين أبلغ الثلاثن من العمر في عام 1848- منذ ورقة عام 1841 وقعت الأحداث التالية
تخلينا عن مشروع المدرسة وبدلا منه سافرتُ مع شارلوت إلى بروكسل في الثامن من شهر شباط 1842 غادر برانويل قرية لوديندين فوت وعدتُ أنا من بروكسل في الثامن من تشرين الثاني 1842 في أعقاب وفاة خالتي- ذهبَ برانويل إلى قصر ثورب غرين ليعملَ مُرشدًا هناك حين كانت آن ما زالت مستمرة في عملها- عادت شارلوت إلى بروكسل في كانون الثاني 1843 ومكثت هناك سنة كاملة وأقفلت راجعة في بواكير سنة 1844 تخلَّت آن بقرارها عن وظيفتها في ثورب غرين -غادره برانويل في حزيران 1845- في تموز 1845 ارتحلتُ مع آن في أول رحلاتنا الطويلة معا- غادرنا المنزل يوم الاثنين في الثلاثين من حزيران وبتنا في يورك – عدنا إلى كيغلي مساء الثلاثاء وبتنا هناك وعدنا صباح الأربعاء مشيًا إلى البيت- استمتعنا بوقتنا كثيرًا مع أنَّ الجو كان متقلّبا ما خلا تلك السويعات في برادفورد وأثناء جولتنا هرب رونالد ماسيلغن، وهنري أنغورا، وجوليت أوغسطينا، وروزوبيلي إيسوالدر، وإيلا، وجوليا إغرامونت كاثرين نافارا، وكورديليا فيتزفنولد من قصر الإرشادات وانضمَّوا إلى الملكيين الذين ساقهم بقسوة في الوقت الحاضر الجمهوريون المنتصرون- ما زالت جزر غوندال مزدهرة برَّاقة كما عُهدت أعمل حاليا على الحروب الأولى- كانت آن تكتبُ بعض المواد عن هذا الموضوع وكتابا لهنري سوفانا- لا بد أن نحزم أمرنا ونصمد في وجه الأوغاد ما داموا يُبهجوننا وأنا سعيدة لأقول إنهم كذلك حاليًا- يجدر بي الذكر أنَّ مشروع المدرسة أُعيدَ إحياؤه الصيف الماضي بحماس كبير- طبعنا النشرات الإعلانية، وأرسلناها إلى معارفنا موضحين خُططنا وبذلنا جهدا يُذكر نوعا ما -لكن ما نفع الأمر- لا رغبة لي الآن في المدرسة إطلاقا وما عاد أيٌّ منا تائقا بشغف إليها. نملكُ مبلغا محترما هذه الأيام مع احتمال ادخار النقود وجمعها -جميعنا بصحة جيدة- بابا فقط يشتكي من عينيه وأرجو أن تتحسن حاله أكثر وأكثر مع ب. ذي الوضع الاستثنائي. إني راضية تماما عن نفسي ليس على نحو بليد كالعادة بل من قلبي وأتعلم أن أرضى أكثر ما يمكنني حاليا وآمل في المستقبل أن أصبح أقل تبرُّما في عجزي عن فعل كلِّ ما أرغب فيه- معضلةٌ نادرا أو دائما ألا يجد المرء ما يفعله، ويطمح أن يكون الجميع مرتاحين وغير قانطين وسنتسامحُ كثيرًا وقتها مع الحياة
اكتشفتُ بالمصادفة أننا فتحنا الورقة السابقة في الحادي والثلاثين من الشهر بدلا من الثلاثين كان الأمسُ يومًا رائعًا كصباح اليوم الباهر-
عادت تابي التي غادرتنا في الورقة السابقة لتعيشَ معنا -منذ سنتين ونصف وهي بصحة جيدة- مارثا التي غادرتنا عادت أيضًا. امتلكنا فلوسي، وحظينا بتايغر وفقدناه- فقدنا البازي. أُعطي هيرو والوزّات وبلا شك أنه مات فقد استعلمتُ الجميع عنه حين رجعتُ من بروكسل لكن ما سمعتُ شيئًا عنه- مات تايغر في بداية السنة الماضية- كيبر وفلوسي في صحة جيدة والكناري أيضًا الذي حصلنا عليه منذ أربع سنوات
نحن الآن في البيت جميعا ومن الواضح أننا سنبقى معا بعض الوقت- غادر برانويل إلى ليفربول ’الثلاثاء‘ ليمكث أسبوعا هناك. كانت تابي تُضايقني كالمعتاد بـ’گشربتيتة’. لا بد أن أجمعَ وآن الكشمشَ الأسود إذا ما كان النهارُ مشمسا ولطيفا. يجب أن أسرعَ الآن لإطعام الحيوانات وكيّ الملابس ثمة الكثير من العمل بين يدي والكتابة إني مشغولة كليا مع رجائي أن يكون كل البيت بخير حتى الثلاثين من تموز 1848 بقدر ما يسعني التوقع والرجاء.
إ. ج. برونتي
____
تعليق المترجم: ذكرت إميلي كما في ورقة عام 1841 أمورًا من حياتها أهمها حديثها عن مشروع المدرسة ورحلتها مع شارلوت إلى بروكسل ثم عودتهما، وإشارات غير مباشرة إلى وضع برانويل المأساوي والمتدهور، وكتبت ب اختصارا لاسمه حين تطرقت إلى وضعه الصحي. ذكرت إميلي حدثا مميزًا وهو أول خروجٍ لها من البيت في رحلة وحدها برفقة إميلي، والقارئ يعلم مدى تعلّق إميلي بالبيت وكرهها الخروج منها، والحقيقة أنها لم تخرج منه لتمكثَ بعيدًا إلا مراتٍ معدودة جدا كانت في مدرسة كاون بريدج في صغرها، ثم مدرسة رو هيد في صباها، ثم مدرسة لووهل في شبابها، وأخيرًا تجربة بروكسل الأبرز. وأشارت إلى شخصيات من ملحمة غوندال وأوضحت استمرارها في كتابتها. النقطة الأخيرة المهمة هي ذكرها أوراق يوميات آن، وكتبت آن مع إميلي ورقتي يوميات في سنة 1841 و1842.