روايات

الإخوة السود – ليزا تتسنر

ليزا تتسنر روائية ألمانية تعد من أشهر كتابات قصص الأطفال. اضطرت في أثناء الحرب العالمية الثانية إلى الهرب إلى سويسرا مع زوجها اليهودي كودت هيلد، لتعيش هناك حتى وفاتها في مدينة كارونا سنة 1963. كتبت رواية الإخوة السود، ونُشرت سنة 1941، الرواية التي ابتدأتها تتسنر وأنهى كتابتها هيلد. لا شك أن الكثير منا شاهد الرسوم المتحركة (عهد الأصدقاء)، روميو وألفريدو لكن القليل منا يعرف أن هذه الرسوم المتحركة، هي رواية ليزا، وأحداثها مستوحاة من قصة حقيقة، حول جوليان الفتى الصغير الذي تضطره ظروف الحياة إلى السفر إلى مدينة ميلانو الإيطالية ليعمل منظف مداخن. وبعد عملية اتّجار بالبشر، قاطعا البحر مع صبية آخرين، يصل إلى مدينة ميلانو لتبدأ رحلة العمل والمعاناة، في ظروف معيشية سيئة، تنتهي بلقاء الطبيب الذي يعمل جاهدا على مساعدته، وإنقاذه من حياته البائسة، حياة العمل والعبودية.

الرواية من الروايات المناسبة للأطفال، لتغرز فيهم القيم الأخلاقية، كالصدق والتضحية، والحث على فعل الخير، والعمل من أجل مساعدة الآخرين، والعمل على تحقيق الأهداف وبناء حياة كريمة، لا تعكر صفوها الفاقة والحاجة. وما بين قسوة الحياة ومشاقها دائما ما تبرز يد الخير التي تساعد المحتاجين، وهذه سمة الروايات التي تخاطب الأطفال مباشرة، قبل أن تُخاطب الآخرين، فما حياتهم إلا انعكاس لحياة الكبار، إن الإنسان لا يمكن أن يحيا دون أمل وهذا الأمل دائمًا ما تحمله أنامل بشرٍ يحبون الخير للآخرين كما يحبونه لأنفسهم، لا يستطيع الكثير من الرواة أن يتخلوا عن فكرة الخير والإحسان للآخرين في رواياتهم، وما الخير إلا جزءٌ من طبائعنا. والرواية قصيرة بأحداث سلسة، تُنمي ذهن الناشئة وتعزز فيهم حب الآخر والصفات الحميدة، وتُقبِّح لنفوسهم كل الرذائل، فما زال روميو وعهد الأصدقاء حاضرا في مخيلتي بعد كل السنين، وها هو ذا جوليان يحجز مكانا هو الآخر، على الرغم من كونهما شخصًا واحدًا. دائما ما جذبتني الروايات التي تُكتب وتشعر أن المخاطب الأول فيها هو الطفل، فتترك في نفسي ذاك الأثر العميق، رواية الأمير الصغير، ورواية الآمال الكبرى، وكل عمل أدبي يُوجه لتلك النفوس البريئة على بساطته يلامس روح الإنسان ويُعيد إليه ملامح ذكريات جميلة، حتى وإن لم يعشها، لكن شعور الطفولة، جميل بسهولته، عميقٌ بصدقه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى