طوق الحمامة – ابن حزم الأندلسي
إن كان أوفيد قد سبق ابن حزم في الكتابة عن فنون الهوى والعلاقة بين الرجل والمرأة، فإن ابن حزم قد سار في أثر أوفيد لكن بكتابته رسالة في الحب وأخبار العشَّاق وأحوالهم وعلاماتهم وبعضًا من قصصهم قسَّمها إلى ثلاثين قسمًا أفرد لكل قسمٍ حديثًا وقصصًا وأشعارًا من نظمه. لكن مسعى ابن حزم في هذا الكتاب هو التعريف بماهية الحب وتوضيح علامات أهله وتبيان حالهم إذا وقعوا في الغرام. فيعرِّف الحبَّ بأنه استحسان روحاني وامتزاج نفساني، ثم يبدأ بعدها برسالة طويلة يُمكن أن نعدها في فلسفة الحب والتحليل الاجتماعي والنفسي لمن يقع في شِراكه، وقد أوضحَ ابن حزم في أقسام رسالته الكثيرَ من العلامات والأحوال ويمكنني القول إنَّ طوق الحمامة اختبار نظري لمن أراد أن يعرف نفسه قد وقع في الحب أم لا، فما يُذكر من أمارات الحب وما يظهر على العاشق من تصرفات هي مشتركات عامة لا بد أن يمرَّ فيها كل عاشق وأفعال يقوم بها كل مُحبِّ. وليس مراد ابن حزم في كتابه هذا الدعوة إلى إقامة العلاقات أو الوقوع في الغرام بل تدارس للحب وعلاماته وتأثيراته ومآلاته نوَّع فيه ما بين الشعر والنثر والقصة فجعلها مادة أدبية راقية ورسالة إنسانيّة حصيفة فيها قراءتها لمن لم يذق الحب ترهيف للمشاعر وتحبيب للحب النقي ولمن ذاقه تأكيد له بعظمته وأثره في النفس.