عشر خرافات عن إسرائيل
يقدم إيلان بابيه، المؤرخ الإسرائيلي، في هذا الكتاب عشر خرافات تعتنقها الحكومة الإسرائيلية وتروّج لها ويتعاطها الشعب، وتشكل ركنا ركينا في توليد المعلومة عن إسرائيل ونشأتها وحاضرها. فما هذه الخرافات العشر؟
الخرافة الأولى
كانت فلسطين عند الهجرة اليهودية أرضا خالية، وصحراء حولها المستوطنون إلى جنة غناء. كانت المنظمات الصهيونية تدعو للهجرة إلى فلسطين منذ أواخر القرن التاسع عشر بدعوى أنها أرض خالية، وتفاجأ كثير منهم بوجود شعب فيها حتى إن بعضهم قال فلسطين أرض طيبة لكنها للأسف متزوجة برجل آخر. لكن بقيت الدعاية الإسرائيلية تروّج لخلو الأرض من شعبها بعد قيام دولة إسرائيل في أيار/مايو 1948 لا سيما للنشء الإسرائيلي.
الخرافة الثانية
إن اليهود المهاجرين كانوا شعبا بلا وطن ولا أرض. غير أن الذين هاجروا إلى فلسطين من أوروبا ثم من البلدان العربية، لم يكونوا بلا وطن أو أوطان، فكلهم مواطنون في بلادهم. جاءت الهجرة إلى فلسطين لتكون حلا لمشكلة العداء لليهود في أوروبا وبلغ أوجه مع النازية. هذا الحل الذي تسبب بتطهير عرقي وتهجير نصف الشعب الفلسطيني. واجتمعت الخرافتان أرض بلا شعب وشعب بلا أرض.
الخرافة الثالثة
الصهيونية هي اليهودية. روج الإسرائيليون للصهيونية على أنها اليهودية لذا سهل التملص من كل نقد واتهام للصهيونية بأنه معاداة للسامية واليهودية. لكن الحقيقة غير ذلك ورفض كثير من اليهود الانسياق خلف الصهيونية أو إقامة دولة يهودية في فلسطين لا سيما اليهود الأرثوذكس الذين يؤمنون بقيامها على يد المخلص. المثير للسخرية أن كثيرا من رؤوس الصهيونية لم يكونوا مؤمنين بل حتى ملاحدة لكنهم آمنوا بوعد الرب التوراتي.
الخرافة الرابعة
الصهيونية ليست حركة استعمارية، مما يجعلها في منأى عن النقد، ويعتنقها اليهودي دون التفكير بأنها تنتمي إلى حقبة استعمارية غربية مذمومة. غير أن الصهيونية في حقيقتها حركة استعمارية، بل ووليدة الحقبة الاستعمارية، ومدعومة من القوى الاستعمارية، وتذكّر بالحقبة الأوروبية الاستعمارية. وتغير محتضنها من بريطانيا الاستعمارية إلى أمريكا الإمبريالية.
الخرافة الخامسة
غادر الفلسطينيون أرضهم في عام 1948 ليفسحوا المجال للجيوش العربية التي غزت إسرائيل، وبذلك يبرئون أنفسهم من تهمة طرد الفلسطينيين والتطهير العرقي. في حين لم يغادر الفلسطينيون قراهم وبلداتهم بل هجروا بترهيب القتل وبقوة السلاح، والجيوش العربية التي دخلت فلسطين لم تكن قوات حقيقية يمكن أن تؤثر في الواقع الفلسطيني وتخلِّصه من نير الإرهاب الصهيوني.
الخرافة السادسة
اضطرت إسرائيل إلى حرب يونيو 1967. لكنها سعت إليها لتبرير احتلالها لمناطق الضفة الغربية وغزة ومناطق أخرى. كانت إسرائيل تريد إتمام ما بدأت فيه سنة 1948، واستفزت العرب لا سيما في سوريا ومصر، وسعت مع الأردن ومصر لتقاسم الأراضي الفلسطينية بأن تكون أجزاء من الضفة الغربية جزءا من الأردن وغزة جزءا من مصر. لم يتم لها ما أرادت ووجدت الحرب فرصة لإخضاع كامل فلسطين لسلطتها، وما زالت تسعى في ذلك حتى اليوم.
الخرافة السابعة
إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، من أجل خداع الرأي العام الداخلي والخارجي وكسب التأييد وتبرير جرائمها بحق الفلسطينيين. لكن إسرائيل واحدة من الدول الاستبدادية والإجرامية ودولة فصل عنصري بممارساتها الإرهابية والإجرامية سواء بحق الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل أو أولئك الخاضعين لاحتلالها في الضفة الغربية وغزة.
الخرافة الثامنة
هي مجموعة خرافات متعلقة باتفاقية أوسلو وحلم الدولة الفلسطينية المزعومة. سعت إسرائيل فيها لوأد أي فرصة لنيل الفلسطينيين حقوقهم، لا سيما في إنكار حق العودة الفلسطيني، وحرمان الفلسطينيين الذين هجّروا من أراضيهم من صفة اللاجئ، مما يعني زوال أي أمل بالرجوع إلى بلداتهم. أرادت إسرائيل أن تستغل السلطة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات وتتوج احتلالها بالسيطرة الرسمية والشرعية، وحصر الفلسطينيين في مناطق صغيرة ومقسّمة لكن لم يتم لها ذلك باتفاقية أوسلو، وحولت ياسر عرفات إلى داعية حرب مع أنه كان موافقا على دولة ضمن حدود 1967.
الخرافة التاسعة
كان انسحاب إسرائيل من غزة لمنح فرصة للسلام، لكن فلسطيني غزة تعاملوا ببجاحة مع هذه المبادرة. حاصرت إسرائيل غزة بعد انسحابها في سنة 2005، وحولت غزة إلى سجن كبير مفتوح حيث يحاصر أكثر من مليوني إنسان. وعملت على تقويض سلطة حماس الصاعدة حينها لكن لم يتحقق لها ما أرادت، وازداد الدعم الشعبي لحماس في غزة.
الخرافة العاشرة
حل الدولتين. لا تريد إسرائيل حل الدولتين، إنما دولة واحدة تشمل كامل فلسطين، وحصر ما تبقى من الفلسطينيين في مناطق مفصولة ومعزولة ومحاصرة. فضلا عن استحالة قيام دولتين لا سيما مع التفوق العسكري الإسرائيلي واستئثارها بالدعم الأمريكي والضعف الأوروبي، وأحيانا كثيرة التأييد المطلق، ومحاصرتها لغزة وسيطرتها على الضفة الغربية. يزيد على كل ذلك الانقسام الفلسطيني الداخلي، وانعدام الدعم العربي الحقيقي والقوي للفلسطينيين.