التراث الآيسلنديالتراث الأدبي

رحلة إريك إلى أقصى الأرض Saga of Eirek the Far-travelled

تروي هذه السيرة حكاية إريك النرويجي ورحلته إلى الفردوس الأرضي، أو أوداينساكر Odainsaker كما يسميها الإسكندنافيون. تكررت حبكة الرحلة إلى المجهول واكتشاف العالم في الحكايات الآيسلندية لكنها مع إريك أخذت بعدا آخر تمثّل في أخذ الأسطورة المسيحية عن الجنة الأرضية غاية يسعى إليها المغامر النرويجيّ إريك، وبلدا يقصده. غير أن هذا الفردوس بعيد لا تبلغه الأقدام إلا بعد طول سفر ومشقة ولا يدخلها إلا النصارى المؤمنون وليس الوثنيون. يبلغ إريك في بحثه عن الفردوس الأرضي اليونان ويتعلم من ملكها الإيمان الصحيح ويؤمن بالإله الحق متمثلا بإله النصارى، فيقبل بهذا الدين ويُعمّد وبمشورة ملك اليونان ومعونته يسافر إلى أقصى الأرض، ما وراء الهند، حتى يبلغ الفردوس الأرضي. لا تعتمد جغرافية البلاد في الحكايات الخرافية الآيسلندية على الجغرافية الحقيقية إنما هي أسماء حقيقية، وأحيانا مختلقة، لجغرافية غير موجودة لكنها تؤدي الغرض المكاني في بنية الحكاية. يدخل إريك الفردوس الأرضي الباهر والجميل بعد أن اجتاز الجسر الذي يتقدمه التنين حارسا الفردوس حراسة رمزية بإخافة القادمين الكافرين ويرهبهم فلا يجرؤوا على الاقتراب منها، أو لعله سيهجم عليهم لكن هذا ما لا يتبين إذ يرجع إريك الدنمركي إلى قومه ويخبرهم بمصير رفيقه إريك النرويجي وهلاكه من التنين إذ لم يدر ما عاقبة أمره. يبهر مرأى الفردوس إريك ويرى في منامه ملاكا يزوره ويحدثه ويطلب منه البقاء في الفردوس لكنه يأبى حتى لا يشاع عنه أنه اختفى وهلك في أرض رهيبة وتقال الأكاذيب الفردوس والإيمان الحق. 

تبرز من رحلة إريك، وكذلك رحلة ينغفار، نقطتان في الحكايات الآيسلندية وهما توظيف العنصر الديني النصراني في حبكة النص، والأخرى التبشير بالنصرانية في بلاد الوثنيين، فصار للحكاية وظيفة دينية تلتقي فيها الحكاية ومقاصدها ما وراء الحكائية. تظهر العدائية في حكاية ينغفار على نحو أشد لا سيما في بغضه الجلي واستحقاره الصريح لكل ما هو وثني. والراجح أن هاتين السيرتين كتبتا في حقبة متأخرة أصبح للعنصر الديني النصراني وجوده في الحكاية ووظيفة يؤديها، كما الحال مع الحكايات المرتبطة بالملك أولاف تريغفسن النصراني الذي نشر النصرانية بالسيف والدم، على النقيض من غالب الحكايات ذات المعتقد الديني الوثني. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى