سيرة إيغل وآسموند Saga of Egil and Asmund
يرجع تاريخ هذه الحكاية إلى القرن الرابع عشر، وهي من أكثر الحكايات الآيسلنديّة الخرافية شبها بالحكايات المشرقيّة واليونانيّة في موضوعها وبُنيتها. تبدأ الحكاية بخبر اختطاف أميرتين يُدعيان هيلد، ابنتا ملك في روسيا اسمه هيرتريغ، من وحشين خرافيين. يصل إلى مملكة هيرتريغ محاربان جسوران تباعا هما آسموند وإيغل ذو اليد الواحدة، صار آسموند المحارب حامي المملكة ويأتي بعدها إيغل ليخرج له آسموند يتحاربان ولما تبيّن لهما أنهما صنوان أقسما على أخوّتهما وأصبح كلاهما تابعا للملك. طلب الملك من آسموند وإيغل أن يبحثا عن ابنتيه، ثم ينطلقان بحثا عن الابنتين وتبدأ مغامراتهما. يصلان إلى جزيرة العملاقة منقار العُقاب وابنتها جلد المنقار ويعرفان من منقار العقاب مكان الأميرتين وتساعدهما على إرجاعهما.
يبرز التشابه في بُنية السيرة وبُنية الحكاية المشرقيّة كما في ألف ليلة وليلة حين تطلب منقار العقاب من آسموند وإيغل أن يقصّا قصّتيهما، فيبدأ آسموند بقصته وهي حكاية فاكينغ تقليديّة. ثم يبدأ بعدها إيغل بقصته التي شابهت القصص المشرقيّة في بلوغ جزر غريبة، كما في مبدأ قصة جانشاه وبلوقيا في حكاية حاسب كريم الدين في ألف ليلة وليلة. والتشابه في قصته أيضا بواقعة حبس أوديسيوس في كهف العملاق بوليفيموس وجاءت متطابقة في أغلب حَبكتها، وما كانت لقصة إيغل أبدا أن تكون على هذا الشكل من دون اطلاع مؤلفها على قصة أوديسيوس وبوليفيموس. لم يقتصر التشابه على هذا إذ تقصّ منقار العقاب خبر نزولها إلى العالم السفليّ، وهو خبر أجنبي ببُنيته عن الفكر الإسكندنافي الذي قلّما كان فيه العالم السفلي مكانا يُمكن السفر إليه، وغالب الظن أنّه مقتبس من الأساطير اليونانيّة. تظهر في السيرة العناصر الخرافية المشرقيّة مثل البساط الطائر، وعناصر خرافيّة إسكندنافيّة مثل العباءة ضديدة الاحتراق وقرن الشراب السحري والقميص الحافظ لابسه من كل سلاح، والشطرنج الذي يلعب من تلقاء نفسه.
غير أنّ أكثر ما يلفت في السيرة هو ذكر المسلمين بخبر موجز، وهو أول ذكر لهم أقف عليه حتى الآن في السيرة الأسطوريّة الآيسلنديّة على الرغم من أن شخصيات إسكندنافية خرافية وحقيقية بلغت المشرق العربي مثل أود ذي السهم في سيرته حين بلغ نهر الأردن، وكذلك الملك النرويجيّ سيغورد الذي لُقّب بالصليبي وشارك في معارك ببلاد الشام. يرد في سيرة آسموند وإيغل أن زوجة آسموند الثانية هي ابنة سلطان، ملك السرازين. ومعلوم أن السرّازين هو الاسم الذي استعمله الأوربيون في القرون الوسطى لوصف المسلمين، ولا شك أن مؤلف السيرة قد أخذ هذا الاسم من كتابات الأوروبيين، كباقي العناصر الأجنبيّة في سيرة آسموند وإيغل.