كتب

الرسائل المفقودة للمدعو آدم حلزون

محمد المطرفي

انتهيت من قراءة هذا الكتاب للصديق محمد المطرفي، ولهي المرة الأولى التي أقرأ فيها كتابا يتراوح بالتناوب بين الجودة والتواضع. الكتاب عن شخصية اسمها آدم حلزون ترسل رسائل إلى كتّابها المفضّلين تقص فيها وقائع حياتها، وكيف بدأت قراءة كتبهم، أو تعرفت إليهم، ومرفقة هذه الرسائل بنصوص قصصية.

كانت الرسائل، ونظرا لطبيعتها الاعترافية السيريّة، جيدة المستوى وتسوّد صفحات جديرة بالقراءة إذ أضفى الطابع السيري الجودة والحقيقة والصدق والسلاسة والدقة في الوصف والتعبير، فالسهولة والوضوح والمباشرة جعلها رسائل حقيقيّة، بلا تكلف أو تفذلك، كانت تخاطب الكاتب مباشرة بارتياح محض، فجاءت بديعة في مجملها.

على الطرف الآخر كانت المرفقات القصصية على النقيض من ذلك. ولأبدي رأيي بشأن القصص القصيرة، إن القصة القصيرة عندي في نوعين لاثالث لهما؛ الأول القصة ذات البراعة الإنسانية الموضوع فيها هو جوهر القصة، ويريد الكاتب أن يوجه أنظار القارئ إلى موضوعه بغض النظر عنالأسلوب المتّبع وهذا ما نجده لدى كبار كتّاب القصة القصيرة مثل تشيخوف. والنوع الآخر هو القصة ذات البراعة الأدبية تكون غاية الكاتب فيها أن تُدهشك وتذهلك، فيحاول أن يتلاعب بذهنك ويأخذك إلى مكان ثم ينقض عليك بانقلاب تامٍ، وهذا كثيرا ما نجده مثلا في القصة القصيرة جدا إذ الغاية فيها هو الإدهاش، أو كما في نصوص ميثم راضي، أو قصص عبد الله ناصر حين يقدم بقصص أفكار بشرية معروفة لكن في بناء مختلف مبدعا فيها نظاما جديدا للأشياء.

أنا من مناصري البراعة الإنسانية لأنها نصوص خالدة، أما النوع الآخر فهو يُكتب ليدهش أول مرة ثم يفقد كل بريقه لأن قوته قائمة على المفاجأة، والمفاجأة لا تكرر نفسها مع الشخص نفسه.

نعود إلى مرفقات الطريفي القصصية، من بين عشرات المرفقات القصصية ما أعجبتني إلا قصص معدودة جدا، في حين كانت البقية تحاول أن تقول شيئا ولا تقوله، وتريد أن تدهش فلا تُدهش، وتريد أن تصل إلى شيء ولا تصل، افتقرت القصص دائما إلى الشيء الذي يجعلها تكتمل، وتكتمل أي تصبح قصة جديرة بالقراءة، بل لا أخفي أني كنت أقرأ القصة المرة والمرتين ولا أفهم لماذا كتبت أو أين الفكرة أو العبرة، ثم أتجاوزها دون أن تترك أثرها فيّ أو أعلق فيها.

ملاحظة أخيرة، نرى في التصميم صورا لأدباء في شكل طابع رسائل نرى فيها بول أوستر، ياسورناري، همنغويلكن معهم كافكا وهو الوحيد الذي لم يوجه إليه الكاتب رسالة لذا فأرى أن وجوده ضمن الطوابع غير ضروري وكان الأولى وضع صورة أديب أرسل إليه الكاتب رسالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى