المقامات الاثنتا عشرة – أحمد بن محمد المعظم
اثنتا عشرة مقامة كتبها أحمد بن محمد المعظّم، عارض فيها مقامات الرئيس أبي محمد الحريري، وانتهى منها سنة 630 هـ. برز الغرض اللغويّ في أغلب هذه المقامات مُضمّنًا في بنية كل مقامة، وما شذَّ منها سوى المقامة المجاشعيّة التي كان غرضها وعظيًا، والمقامة العرعاريّة ذات موضوع فلسفيّ في البحث عن الفرح، والمقامة اللبنانيّة عن التوبة.
اختلف الراوي في كل مقامة، وهذا ما شذّ فيه المعظم عن البنية التقليدية للمقامة بثبات الراوي، أما البطل فقد تنوّع ما بين شخصية الراوي نفسها أو شخصيات أخرى في المقامة. كما لا يوجد لقاء وتعارف ولا ملاحقة بين الراوي والبطل، إلا في مقامتين حيث يُكشف معنى الكلام الحقيقي ويُزال التنكير عن توريته. وهذا الاختلاف جعل كل مقامة غير مرتبطة بالتي تسبقها بأي شيء سوى الغرض اللغوي وأسلوب السجع.
يقول المعظم في خطبة الاستهلال إن ما دعاه إلى كتابة هذه المقامات ما وصلت إليه مقامات الحريري من مقام مقدّس، حتى قيل “لو اجتمع الناس على أن يأتوا بمثلها لا يأتون بمثلها، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا”، فأنكر هذا الغلو غيرةً على القرآن، وتحداه القائل أن يأتي “بعشر مقامات مثلها مفترعات أو عشر حكايات مثلها مخترعات”. كتب ابن المعظم مقاماته وزاد عليها اثنتين، حتى يكتمل عقدها باثنتي عشرة مقامة، فسّر في آخر الكتاب سبب اختيار هذا الرقم لأنه “عدد من معتبر عند الحساب، وهو مذكور في مواضع الكتاب [أي القرآن]”، ثم يفرد بعدها من دلائل أهمية هذا الرقم.
من يقرأ المقامات يكشف فشل المعظم في تقديم شيء مثيل لمقامات الهمذاني سوى الغرض اللغوي، فما شابه بما كتب إلا ذيل مقامات الحريري أو أثر نعالها. كما إن خطبة الاستهلال لمقاماته تكشف ما وصلت إليه مقامات الحريري من مقام رفيع وصل إلى حد التقديس والتشبيه بالقرآن.
لم أجد ترجمة لحياة أحمد بن محمد المعظم، وهو كما يتضح من تاريخ انتهائه من الكتاب سنة 630 هـ، وما ذكر في أن ولادته في الري، قد عاش في القرن السابع الهجري في بلاد فارس. طبع مقاماته سليمان الحرائري سنة 1281هـ وصححها وشرح بعض ألفاظها، وثمة طبعة تونسيّة أخرى طبعت بمطبعة الدولة التونسية سنة 1303 هـ.