على خطى هوميروس
اتَّبع فيرجيل في ملحمته الشعرية خطى هوميروس في كثير من خطوط عمله الشعري الرئيسة وأحداثها المحورية والثانوية أو حتى بعض التفاصيل الضمنية الطفيفة وخلق شخصياته بالتوازي مع شخصيات هوميروس على نحو لا يسمح بالشك بأنَّه قرأ ودرس وهضم ملحمتي هوميروس ثم أعاد صياغة ملحمته متتبعًا وبدقة لا متناهية ملحمتي هوميروس فيما يخص ركائز العمل وأحداثه وشخصياته. ولربما تكون هناك بحوث متخصصة تبحث في التشابه في الأساليب اللغوية المستخدمة والتراكيب في هذه الملاحم الثلاث، والأمر بحاجة إلى الاطلاع على الملاحم الثلاث بلغتها الأصلية وهذا الأمر بعيد عن يدنا في الوقت الحالي وقد نحصل على مثل هذه البحوث في حالة وجودها مستقبلًا. لكن ما سأذكره هنا فهو يخص تشابه خطوط العمل الأساسية والأحداث والشخصيات ما بين الإنيادة وبين الأوديسة والإلياذة.
(جوبيتر = زيوس، جونو = هيرا، مينيرفا = أثينا، فينوس = أفروديت، فولكانوس = هيفايستوس، ميركوريوس = هرمس، نبتونيس = بوسيدون، أبولو = أبولو. لكل إله إغريقي نظيره الروماني في ميثولوجيا الأمتين، ونقرأ في الإلياذة انقسام الآلهة فريق إلى جانب الإغريق وآخر إلى جانب الطرواديين. لكن ما يهمنا من كل هؤلاء الآلهة ثلاث فقط وهنَّ: جونو (هيرا) ومينيرفيا (أثينا) وفينوس (أفروديت). تبدأ قصة عداء هيرا وأثينا للطرواديين ووقوف أفروديت معهم حين تخاصمت الإلهات الثلاث على من الأجمل بينهنَّ واتفقن على طلب التحكيم من أول عابر، فكان أول عابر هو باريس ابن بريام الذي كان متوجها نحو مملكة أبيه طروادة، ووقع اختيار باريس على أفروديت لتغضب منه هيرا وأثينا ويحقدن عليه مبغضاتٍ وكارهات. استثمرَّ فيرجيل من هذه التاريخ الميثولوجي الإغريقي في ملحمته باستمرار عداء جونو للطرواديين وما جلبه عليهم هذا العداء من مصايب ومصاعب).
– تتشابه الكتب الستة الأولى في الإنيادة مع رحلة عودة أوديسيوس إلى إيثاكا في الأوديسة. تبتدئ رحلة آينياس بمغادرة شواطئ طروادة بحثًا عن أرض لاتيوم التي ضمنتها الآلهة لهم وأمرتهم بالوصول إليها، ليمرَّ في رحلته بعدد من الجزر ويواجه مصاعب مختلفة ويفقد من رفاقه ويقضي وقتًا لاجئًا مع قومه عند ديدو ملكة القرطاجيين في أرض ليبيا ثم الذهاب في رحلة إلى العالم السفلي مع الكاهنة سابيلا قبل أن يصل في الكتاب السابع إلى لاتيوم. سبق وقرأنا شيئًا مشابها في الأوديسة ورحلة أوديسيوس بعد أن يغادر شواطئ طروادة ثم يتيه في البحر ويضيع بين الجزر باحثًا عن سبيل العودة إلى إيثاكا في رحلة استمرت عشر سنوات كاملة، فيواجه السيكلوب بولوفيموس العملاق وآكلي لحوم البشر وتحتجزه الساحرات ويرحل إلى هاديس من أجل نصح وإرشاد العرَّاف الطيبي تايريسياس ثم الوصول إلى جزيرة الفياكيين وملكهم ألكينوس الذي يكرم وفادته ويرسله مع بحارة فياكيين مختارين إلى جزيرة إيثاكا التي يصلها في النشيد الثالث عشر في الأوديسة.
ونقف الآن بشكل موجز على التشابهات ولمن يحب الوقوف على التفاصيل فكل ما عليه هو قراءة العملين، ولا يعني وجود التشابه هو التطابق التام فيبقى لكل حدث في العملين سماته الخاصة وتفاصيله:
1- يقص آينياس على الملكة ديدو رحلته من شواطئ طروادة حتى مملكتها وما مرَّ به ورفاقه من مصاعب كما قصَّ أوديسيوس على الملك ألكينوس رحلة عودته والصعاب التي واجهها وإكرام الاثنين لآينياس وأوديسيوس.
تهوي ديدو في غرام آينياس وتطلب منه الزواج والبقاء معها لكن الأخير الممتثل لأمر الآلهة يرفض عرضها ويرحل مكملا رحلته إلى لاتيوم. أما في الأوديسة، يعرض الملك ألكينوس على أوديسيوس الزواج من ابنته الأميرة ناوسيكا وإكرامه بالهدايا والخيرات لكن أوديسيوس يرفض هذا العرض المغري ويرحل على متن سفينة الفياكيين إلى موطنه إيثاكا.
2- يتكرر التشابه في حالة ديدو ورفضها واعتراضها على رحيل آينياس مع حالة الإلهة كاليبسو التي احتجزت أوديسيوس سبع سنوات كاملات وأحبته حبًا جمًا قبل أن يجيئها أمر آلهة الأوليمبوس بتحريره، فتعدُّ كاليبسو الأمر كما لدى ديدو نوعًا من بغض الآلهة لها وعدم رغبتهم في أن تكون سعيدة مع من تحب.
تتمُّ مغادرة الاثنين أوديسيوس وآينياس من جزيرة كاليبسو وأرض القرطاجيين بعد أوامر الآلهة وإن كانت رغبة أوديسيوس وآينياس سلفًا الوصول إلى وجهتهم المنشودة لكنها في الحالتين لم تحدثا لولا الأوامر الآلهة رغمًا عن رغبة وأمنية مضيفتيهما وآسرتيهما.
يشبه دعاءُ ديدو على آينياس بعد أن شاهدت سفنه تمخر مبتعدةً دعاءَ بولوفيموس على أوديسيوس بعد أن يكشف له الأخير هُويته الحقيقية. تدعو ديدو على آينياس أن يستجدي المعونة، ويُثقل بالحرب وبأسلحة شعب جسور، ومنفيًا عن وطنه ومحرومًا من عناق ابنه، ويشهد مصرع رجاله ولا يستمتع بمملكته وبلا رغبة في الحياة، ولا يختلف هذا الدعاء كثيرا عن دعاء پولوفيموس سواء في لفظه أو معناه إذ يطلب من أبيه إله البحر بوسيدون فإما ألا يتركه يعود إلى بلاده أبدا أو يعود بعد أن يشقى ويعاني المحن في موطنه ويفقد رفاقه ويعود إلى موطنه على متن سفينة غرباء.
3- يشبه ذبحُ آينياس وقومه عددا من الثيران بعد أن يصلوا إلى جزيرة الهاربيات حيث يجدون قطعان الثيران لتهاجمهم إثرها جموع الهاربيات ثم تتنبأ لهم كيلاينو بمواجهة السوء والصعاب في البحر قبل الوصول إلى سواحل إيطاليا- ما قام به رفاق أوديسيوس مع قطيع الشمس المقدس للإله هيليوس وذبحهم من بقره ثم دعاء الأخير لزيوس طالبًا منه الانتقام من رفاق أوديسيوس فيستجيب زيوس لدعائه ويحطِّم سفينة أوديسيوس ويغرق رفاقه.
4- يشبه طلبُ شبح أنخسيس، والد آينياس، من ابنه الذهاب إلى العالم السفلي واللقاء به من أجل معرفة الطريق إلى لاتيوم، الوجهة المقصودة لتأسيس الوطن الجديد- نصيحةَ سيرسي من أوديسيوس الذهاب إلى منزل الأموات “هاديس” ولقاء العرَّاف تايريسياس ليرشده طريق العودة إلى إيثاكا ويتنبأ له بقادم أيامه.
5- رحلة آينياس إلى العالم السفلي رفقة الكاهنة سابيلا ولقائه لعدة شخصيات ورؤيته لعدة مشاهد- مشابهة لرحلة أوديسيوس في منزل الأموات والتقائه بعدد من الشخصيات التي عرفها أو التي لم يعرفها.
يطلب بالينوروس، رفيق آينياس، من آينياس دفن جثته التي غرقت في البحر مثلما طلب إلبينور من أوديسيوس دفن جثته التي لم يدفنها أوديسيوس ورفاقه في جزيرة سيرسي فيستجيب الاثنان لطلب شبحي رفيقيهما.
يحاول آينياس بعد أن يلتقي شبح والده أن يضمه لكنه يفشل في ضم الشبح، وهو ذات الفعل إذ حاول أوديسيوس ضم شبح والدته أنتيكليا في هاديس لكنه يفشل كذلك.
– تتشابه الكتب الستة الأخيرة من الإنيادة مع ملحمة الإلياذة لهوميروس. يخوض الطرواديون بقيادة آينياس معاركًا مع اللاتين بالقرب من معسكراتهم وبعد كسر شوكة اللاتين يتوجهون نحو مدينة لاتيوم. تتأرجح كفتا الانتصار ما بين الجيشين فتارة تميل لصالح الطرواديين وأخرى لصالح اللاتين وتنتهي بانتصار الطرواديين ومقتل الملك تورنوس على يد آينياس. تتلاقى خطوط هذه الأحداث مع حرب وحصار الآخيين لطروادة وكيف دارت المعارك بين الطرواديين والآخيين متأرجحة الانتصار بينهما من حين إلى آخر لتنتهي بمقتل الأمير الطروادي هيكتور على يد البطل الآخي، ملك الميرميدونيين، آخيلوس. وبموت الاثنين تورنوس وهيكتور تنتهي الملحمتان فيجتاح في إثر موت هيكتور الآخيون مدينة طروادة الحصينة بفضلة حيلة أوديسيوس مع الحصان الخشبي، ويستوطن الطرواديون في الإنيادة في مدينة لاتيوم التي أمرتهم الآلهة بالتوجِّه إليها. ثمة العديد من التشابهات ما بين الملحمتين مما يؤكد بما لا شكَّ فيه أنَّ فيرجيل استعان بأحداث الإلياذة في نظم المعارك وإعادة خلق شخصيات جديدة متخذَّا النموذج الهوميري مثالًا يحتذي به وقوالب يستخدمها في عمله:
1- يتحصن الطرواديون بالقرب من شواطئ لاتيوم ثم يهجم اللاتين عليهم بقيادة تورنوس في غياب آينياس الذي ذهب لعقد تحالف مع الملك إيفاندروس من أجل هزيمة اللاتين. أما في الإلياذة فإن الإغريق يتحصنون ويعسكرون بالقرب من شواطئ طروادة ويهجم عليهم الطرواديون ويكادون يهزمونهم وكذا الحال في غياب بطلهم آخيلوس بسبب خصامه مع ملك الآخيين أجاممنون.
2- تتشابه مهمة يوروأليوس ونيسوس السرية في معسكر اللاتين وما أوقعاه قتلا وذبحًا في اللاتيين قبل موتهما على أيدي مقاتلي تورنوس- مع مهمة أوديسيوس ورفيقه ديوميديس في معسكر الطرواديين ثم مصادفتهما دولون الذي كان مرسلا لتجسس على معسكر الآخيين ليمسكا به ويأخذا منه المعلومات قبل قتله ثم وصلا بعدها إلى معسكر الطراقيين حلفاء الطرواديين ووقعا فيهم قتلًا ونهبًا ثم عادا سالمين.
3- يتشابه طلب فينوس من زوجها فولكانوس صنع عدة حرب لابنها آينياس مع طلب حورية البحر ثيتيس من هيفايستوس صنع عدة حرب لابنها آخيلوس. وحاكى فيرجيلُ في مقطع صناعة أسلحة آينياس هوميروسَ وصناعة درع آخيلوس حيث رسم ونقش فولكانوس العديد من الرسوم على الدرع كما فعل هيفايستوس.
4- توازي شخصية البطل اللاتيني حيلف الطرواديين “بالاس ابن إيفاندروس” الذي يقتله تورنوس مع شخصية باتروكلوس الميرميدوني الذي يقتله هيكتور الطروادي. ويتشابه رثاء حصان بالاس “ميزنتيوس” لصاحبه مع بكاء الخيول على باتروكلوس. وعلى الرغم من أنَّ لمقتل باتروكلوس أثره البارز في عودة آخيلوس إلى حرب طروادة بعد نأيه عنها بسبب خلافه مع أجاممنون فإنَّ لمقتل بالاس على يد تورنوس وارتداء الأخير لعدة بالاس الحربية نقطة مفصلية تنتهي بها الملحمة، إذ يتغلب الغضب على حكمة آينياس إذ يرى حزام بالاس على تورنوس بعد أن تمكَّن منه وطلب الأخير الرحمة إلا إن آينياس يرسله إلى العالم السفلي. (يرتدي هيكتور عدة باتروكلوس والتي هي في الأساس عدة آخيلوس منحها لباتروكلوس قبل أن يسمح له بقيادة الميرميدونيين في قتال الطرواديين الذين قاتلوا داخل معسكرات الآخيين).
تقص الملحمة مراسم جنازة موت باتروكلوس وبالاس، لكنها تأخذ مساحة أكبر في الإلياذة سواء من خلال تصوير المشاهد المرتبطة بحرق جثمان باتروكلوس أو ما تبعها من مسابقات رياضية أقامها آخيلوس على شرف موت صاحبه باتروكلوس.
يعقد اللاتين والطرواديين سلمًا وتوقفًا عن القتال مدة اثني عشر يومًا بعد موت بالاس، وهو مثل سلم الإغريق والطرواديين بعد استلام جثة هيكتور من قبل والده بريام والذي امتدَّ لاثني عشر يوما أيضا.
5- بدا واضحًا أنَّ آينياس في الإنيادة يوازي شخصية آخيلوس في الإلياذة أو حتى هو نظير من نظائرها سواء في الشجاعة والإقدام أو قيادة جموع الطرواديين. أما شخصية الملك تورنوس فهي موازية لشخصية هيكتور سواء فيما فعلته بجموع الطرواديين أو في كونها صاحبة قضية مشروعة في قتال غزاة وذود عن الوطن والأهل. أما موت هيكتور وتورنوس على يدي آخيلوس وآينياس تباعًا وتحقيق القاتلين ما أراداه وإتمام ما نويا عليه سلفا يجعل هذه الشخصيات الأربع تلتقي في العديد من الخطوط والنقاط سواء على المستوى الذاتي الخاص بها أو المستوى الموضوع المتعلق بأحداث الملحمتين.
– تلعب الآلهة دورًا في تسيير الأحداث في الإنيادة كما لعبته في الإلياذة والأوديسة. ويعي فيرجيل دورها في ملحمتي هوميروس لذا فهو يعمل على متابعة خطو هوميروس في تصوِّراته العقائدية بخصوص الآلهة على الرغم من الفارق الزمني الكبير ما بين عصر هوميروس وفيرجيل. فيتشابه حضور الآلهة الكبير في الإنيادة لحضورها الفاعل والمباشر في الإلياذة. ويجد القارئ لملحمتي هوميروس أنَّ دور الآلهة في الأوديسة يأخذ نمطًا جديدًا مختلفًا عن دورها في الإلياذة مما يُبرز تطوّر وتغيَّر في مفهوم الآلهة في عصر الأوديسة عن عصر الإلياذة، لكن فيرجيل يختار إعطاء الآلهة دورًا شبيهًا بدورها في الإلياذة إذ إنَّ عصر آينياس مقرون بعصر الإلياذة سواء زمنيًا أو في التصورات الاعتقادية بما يخص عالم الآلهة والسماء. نتيجة لهذا الاتباع الفيرجيلي لهوميروس فثمة عدة توازيات وتشابهات في دور الآلهة لدى الشاعرين:
1- تدعو فينوس تدعو جوبيتر في إيقاف معاناة الطرواديين في البحر كما فعلت أثينا بدعائها لزيوس أن يوقف معاناة أوديسيوس.
2- يشبه غضب جونو على آينياس ورفاقه في البحر والصعوبات والمشاق التي يواجهونها ويتحملونها في رحلتهم إلى لاتيوم غضبَ بوسيدون على أوديسيوس.
3- يتشابه حال جونو وتذمرها من أوامر جوبيتر لتذمر هيرا من أوامر زيوس في الإلياذة. إذ طمحت الأولى إلى استمرار معاناة آينياس وعدم تحقيقه مبتغاه في الوصول إلى لاتيوم وكذلك سعت إلى إشعال نار الحرب بين الطرواديين واللاتين في كل مرة يبدو الصلح ومعاهدات السلام أقرب بين الفريقين ولم يهدأ لها بال حتى رأت نار الحرب تتأجج ما بين الأمتين. وكذا الحال مع هيرا التي سعت بكل جهد وقدرة ممكنة في تدمير الطرواديين ومدينتهم الحصينة على يد الآخيين لكنها دائما ما كانت تواجه تعنُّت وأوامر زوجها وأخيها “زيوس” كبير الآلهة.
4- أما جوبيتر في الإنيادة ونظيره زيوس في الإلياذة فلهما القول الفصل والأمر الأعلى في تحديد مصير كل شيء في الملحمتين أحداثًا ومصائر مدن ومقادير البشر. وأبرز تشابه متطابق بين دوريهما ذاك المشهد الذي يضع فيه زيوس قدريْ آخيلوس وهيكتور في كفتي ميزان ليطيش قدر هيكتور تحتل ثقل قدر آخيلوس الذي كُتب له الانتصار على منافسه، ويتكرر ذات المشهد بالتمام والكمال تقريبًا عندما يضع جوبيتر قدر آينياس وتورنوس في كفتي الميزان لترجح كفة آينياس على منافسه.
5- تشابه حدث صناعة هيفايستوس وفولكانوس عدة الحرب لآخيلوس وآينياس بطلب من أمهما في الإلياذة والإنيادة، وقد ذكرتهما في فقرة التشابهات الثانية.
على الرغم من كل هذه التشابهات فتبقى لكل ملحمة شعرية خصوصيتها ومزاياها وأساليبها وهذا لا يعني بحال من الأحوال أنَّ ننكر قيمة الإنيادة أو التقليل منها أو ننكر أنَّ فيرجيل سار في ذات طريق هوميروس في ملحمتيه ولم يشأ أن يخرج عن الخطوط الرئيسة التي رسمها هوميروس إلا في بعض المواضع كإضافته لقصة الملكة ديدو ورحلة البحث عن الوطن وتأسيسه. ويتبادر سؤال في نهاية المطاف هل ستكون الإنيادة على ما هي عليه لو لم يكن هناك إلياذة وأوديسة؟ وما شكل الإنيادة الذي ستكون عليه لو لم يتبع فيرجيل هوميروس في ملحمتيه؟ والتساؤل الأخير هل سينظم فيرجيل ملحمته الشعرية لو لم يكتب هوميروس ملحمتيه أو لم يصلا إلى يدي فيرجيل؟ تبقى هذه الأسئلة مطروحة بهذه الصياغة أو بأخرى ولا أرى شخصيًا أن فيرجيل سيحقق ما حققه في ملحمته لولا شاعر الملاحم الأول والأعظم عبر العصور هوميروس.