يؤرخ كتاب المستوطنات لاكتشاف جزيرة آيسلندا في الربع الأخير من القرن التاسع للميلاد، ثم بداية الهجرة إليها جماعاتٍ وأفرادا من إسكندنافيا لا سيما النرويج بعد سيطرة الملك هارالد عليها إثر معركة هفارسفيورد سنة 872. كان توحيد النرويج على يد الملك هارالد نذير شؤم على القبائل فاضطر الكثيرون إلى الفرار إلى آيسلندا، ثم صارت ملاذا لمن لا ملاذ له، أو مجرم فارٍ، أو هاربٍ، أو مطلوب لثأر أو للملك هارالد، فاجتمع الناس فيها على مدار السنين. سُميت الجزيرة أول مرة بلاد الثلج، ثم أسماها رجل يدعى لوكي بلاد الجليد (آيسلندا Iceland) إثر رؤيته جليدا مجروفا في ممر مائي، واستقرت على هذا الاسم من بعده. جرى استيطان آيسلندا تدريجيا ما بين القرنين التاسع والحادي عشر، وبقي الناس يتوافدون إليها حتى القرن الثاني عشر، وهو آخر قرن يؤرخ له الكتاب. فأين عاش الناس في آيسلندا بعد أن بلغوها؟ هذا ما يؤرّخه الكتاب بذكره المستوطنات (والمساكن) التي أسست وبُنيت في أرجاء آيسلندا، فيذكر أسماء من وفدوا، ومن أين جاءوا، وآباءهم وأزواجهم وأبنائهم من بعدهم، وطائفة من أخبار بعضهم. يكاد الكتاب يكون في أغلب فصوله كتاب أنساب وإحصاء ومعجم سكّان ومناطق ومساكن وتضاريس برية ومائية لأبرز من استوطن آيسلندا ومواقع استيطانهم، وذُكر في الكتاب نحو 3000 مستوطن و1400 مستوطَنَة. لا يعرف مؤلف لهذا الكتاب وإن نسبهم بعضهم إلى آري ثورغلسن، وترجع أقدم مخطوطاته إلى القرن الثالث عشر. والكتاب في عمومه غير نافع لغير المتخصصين والدارسين، ولا يخرج القارئ العادي بشيء يُذكر منه.