قصة قصيرة

بذور عُشبِ النسيان 

حكاية من التراث الأدبي الياباني

ترجمة: مؤمن الوزان

منذ زمن غابر، كان الرجلُ وامرأة بعينها مغرمين ببعضٍ ولم تقعْ عينُ أحد منهما على سوى خليله. لكن جرى أمرٌ، ولسبب تافه، يئست السيدة من بقائهما معًا وقررت هَجْره. كتبتْ إليه القصيدة التالية على حائط منزلهما: 

إذا ما غادرتُكَ 

سيقول الناس مؤكدا

إني غرِّةٌ غضيضةٌ

عزائي أنهم لا يعلمون شيئًا

عن أحوال الدنيا 

ثم رحلتِ السيدة. حين رأى الرجلُ ما كتبتَه؛ أُسْقِطَ في يده. وانفجرَ باكيًا وفكَّر ’لا أفهم هذا. ما وقعَ شيءٌ ليُحدِثَ مثل هذه الهوَّة بيننا. أيُّ أمرٍ يُمكن أن يتسبَّبَ بوقوع هذا؟‘ بدأ بالتجوال حيثُ يجبُ أن يبحثَ عنها، خرجَ إلى مدخل البوابة وحدَّق إلى الأرجاء، لكنه لم يستطع إيجاد علامةٍ تُشير إلى مَسْلَكِها. أقفلَ إلى بيته ونظم قصيدة: 

أمضيتُ من العمرِ 

ثلاثَ سنواتٍ   

على عهدي بلا طائلٍ. 

أهذا ما كان كلُّ 

الذي في حُبِّنا؟ 

 

ثم أعملَ فكره، ونظمَ قصيدة: 

لا أدري 

إن أحببتني أو لم تُحببنني

لكنَّ صورةً دائمةً 

لجمالك البهيّ 

تَهجُسْنَنِي أكثرَ فأكثرَ 

 

بعد مرور وقتٍ طويل، وما عادًا قادرًا على التحمُّلِ أكثر، أرسلت السيدة إلى الرجلِ قصيدةً: 

مؤكدًا أنكُ تُفكِّر 

أنَّ هجرَكَ إياي قد أزِف؛

وأيسرُ دعائي 

ألا تنثرَ بذورَ عشبِ النسيان 

في مَرْجِ قلبِكَ   

 

أجاب الرجلُ: 

إنْ كنتِ أنتِ مَنْ نَثَر

بذورَ عشبِ النسيانِ 

فلا معنى لهذا سوى 

أنكِ إلى الآن تُحْبِبْنَنِي-

لكنكِ في غنى عن هذا… 

 

بعد زمنٍ، استأنفا مراسلاتهما بحماسٍ أشدَّ من ذي قبل. ثم أرسلَ الرجلُ قصيدةً أخرى: 

ممتلئٌ بالشكِ 

مرةً أخرى 

بأنكِ قد تَنْسينَنِي، 

في جوانحي حُزنٌ 

لا يشبه شيئًا انتابني قطُّ

 

أجابتْ السيدة: 

من حياتَكَ

سأختفي 

مثل غمامة في السماء

تبددُها الريحُ 

مغادرةً بلا أثرٍ 

 

في النهاية، رغم تواصلاتهما الشعريّة اتَّخذ كلاهما حبيبًا وابتعد عن صاحبه. 

 

المصدر: The Tales of Ise

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى